وبالتالي فإن الخروج من مصر إنما تم بأمر الله تعالى ، وليس بأمر موسى أو فرعون.
(٢) تاريخ الخروج :
اختلف المؤرخون ، القدامى منهم والمحدثون ، في تاريخ خروج بني إسرائيل من مصر ، وبالتالي في الاستقرار الذي تلاه في كنعان (فلسطين) ، ومن ثم فقد قدموا لنا نظريات مختلفة ، يصل الفرق بين أقدمها وأحدثها إلى أربعة قرون ، ومن ثم فقد رأينا البعض يجعل من طرد الهكسوس من مصر (حوالي عام ١٥٧٥ ق. م) تاريخا للخروج ، بينما يتأخر آخرون إلى ما بعد عصر رعمسيس الثالث (١١٨٢ ـ ١١٥١ ق. م) ، والفرق بينهما ، كما رأينا ، كبير ، يصل إلى أربعة قرون ، وفي نفس الوقت ، إنما يشير إلى الغموض الذي يرين على تاريخ خروج بني إسرائيل من مصر ، بقيادة موسى عليهالسلام.
ولعل صعوبة الوصول إلى رأي محدد بشأن تاريخ الخروج ، إنما يرجع ، في أكبر الظن ، إلى أسباب ثلاثة ، أولها : أن الآثار المصرية ، وكذا الفلسطينية ، لم تقدم لنا تاريخا محددا عن هذا الحدث الخطير ، والذي أصبح له تأثير ضخم على التاريخ الديني ، وما برح حتى الآن يؤثر في نفسية اليهود ، بل إنه هو الذي أثمر بصفة عامة ذاتيتهم الخاصة ، وأما سبب عدم ذكر هذا الحادث في الآثار أو الوثائق المصرية ، فيرجع ، فيما نرى ، إلى أمرين ، أولهما : أن احتمال العثور على أسماء الأنبياء والرسل ، صلوات وسلامة عليهم ، في النصوص الإنسانية ، وخاصة المصرية ، ضعيف إلى درجة كبيرة ، في ذلك لأن حقيقة الصراع بين القيم السماوية والبشرية ، ربما كان سببا ، وهو كذلك ، في إغفال ذكرها ، وهذه ظاهرة يلمسها المؤرخ في تاريخ الشرق الأدنى القديم بوجه عام ، بالنسبة إلى تعمد عدم التعريف