الشهر قبل الأخير من شهور السنة المصرية القديمة ، (المعروفة خطأ بالشهور القبطية) ، وليس العبرية ، غير أن اليهود إنما يحتفلون بخروجهم من مصر في عيدهم الأكبر ، في الشهر الأول من السنة العبرية ، شهر أبيب (نيسان ـ أبريل) ، ويبدو أن الطريقة القديمة للتقويم العبري تجعل بدء السنة في الربيع ، وربما كان بدء التأريخ هو قصة خروج بني إسرائيل من مصر ، في الفترة التي يقع فيها عيدهم الأكبر «عيد الفصح» حيث يتم الاحتفال به بين العشاءين (أي بين المغرب والعتمة) في ليلة الرابع عشر من أبريل (١).
(٣) معجزة انغلاق البحر : ـ
رأينا من قبل كيف أحاط فرعون بقواته الضاربة ببني إسرائيل ، وكيف تملكهم الذعر والخوف ، وأيقنوا أنهم هالكون ، وكيف بلغ بهم الكرب مداه ، وإن هي إلا دقائق تمر ، ثم يهجم الموت ولا مناص ولا معين ، ولكن موسى الذي تلقى الوحي من ربه لا يشك لحظة ، وملء قلبه الثقة بربه ، واليقين بعونه ، والتأكد من النجاة ، وإن كان لا يدري كيف تكون ، فهي لا بد كائنة ، والله هو الذي يوجهه ويرعاه ، «قال كلا إن معي ربي سيهدين» ، وهكذا ، وفي اللحظة الأخيرة ينبثق الشعاع المنير في ليل اليأس والكرب ، وينفتح طريق النجاة من حيث لا يحتسبون (فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ ، فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) ، وهكذا وقعت المعجزة ، وانكشف بين فرقي الماء طريق ، ووقف الماء على جانبي الطريق كالطود العظيم (٢) ، وأرسل الله الريح على أرض البحر ، فلحفته حتى صار يابسا كوجه الأرض (٣) ، فلهذا قال : (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا
__________________
(١) أنظر : عن التقويم العبري وعيد الفصح (محمد بيومي مهران : إسرائيل ـ الجزء الرابع ـ الإسكندرية ١٩٧٩ ص ١٥٣ ـ ١٦٣).
(٢) في ظلال القرآن ٥ / ٢٥٩٨ ـ ٢٥٩٩.
(٣) أخرج الطبراني وأبو نعيم في الحلية عن سعيد بن جبير : أن هرقل كتب إلى معاوية بن أبي ـ