بحميه يثرون ، الذي جاء ومعه صفورة ، امرأة موسى وولداه جرشوم وإليعازر (١) ، هذا مع أن التوراة قد ذكرت من قبل ، وفي نفس سفر الخروج أن موسى قد هبط مصر ومعه زوجته وولداه (٢) ، ولكن هذا لا يزعجنا كثيرا ، فهو نوع من تناقض نصوص التوراة ، ونظائره كثيرة ، وعلى أي حال ، فإن التوراة (٣) تحدثنا أن يثرون ، وهو شعيب بني مدين العربي فيما يرجع الكثيرون ، كما أشرنا من قبل ، كان يقدم القرابين إلى الله ، ويتبعه موسى وهارون وشيوخ بني إسرائيل ، وأنه قد أسدى إلى موسى النصح باختيار رؤساء للشعب لينظروا في القضايا الثانوية ، ويبقى هو المرجع الأعلى ، فاتبع نصيحة شعيب ، ومعنى هذا أن شعيبا ، كما يقول الأستاذ العقاد ، تقدم موسى في عقيدته الإلهية ، وعلمه تبليغ الشريعة ، وتنظيم القضاء في قومه ، وأن العبريين كانوا متعلمين من النبي العربي ، ولم يكونوا معلمين (٤).
(٤) الردة وعبادة العجل في سيناء : ـ
تتحدث التوراة في الإصحاحات من التاسع عشر إلى الحادي والثلاثين من سفر الخروج عن الشريعة الموسوية ، وفي الإصحاح الثاني والثلاثين من نفس السفر تتحدث عن ردة بني إسرائيل عن التوحيد ، وحبر وصايا الرب لم يجف كما يقولون ، ذلك أن موسى عليهالسلام ، فيما يروي المفسرون ، قد وعد بني إسرائيل وهو بمصر ، إن أهلك الله عدوهم ، أتاهم بكتاب من عند الله فيه بيان ما يأتون ويذرون ، فلما هلك فرعون سأل موسى ربه الكتاب ، فأمره بصوم ثلاثين يوما ، وهو شهر ذي القعدة ، فلما أتم الثلاثين أنكر خلوق فمه (تغيّر رائحة فمه) فتسوّك ، فقالت الملائكة : كنا نشم
__________________
(١) خروج ١٨ / ١ ـ ٧.
(٢) خروج ٤ / ٢٠.
(٣) خروج ١٨ / ١٢ ـ ٢٧.
(٤) عباس العقاد : الثقافة العربية أسبق من ثقافة اليونان والعبريين القاهرة ١٩٦٠ ص ٨٠.