الفصل الثّاني
يوسف عزيز مصر
(١) يوسف العزيز :
ظهرت براءة يوسف عليهالسلام ، كما رأينا ، في الفصل السابق ، ومن ثم فقد خرج من السجن ، ولقي الملك وتحدث إليه ، فرأى فيه مخايل الأمانة ، وحكمة التصرف وعزة النفس ، وأمارات السيادة فقربه إليه ، ورفع منزلته لديه ، وهكذا تشاء إرادة الله أن يصبح الصديق على خزائن الأرض أمينا ، بعد أن كان في زوايا الأرض سجينا ، إذ ينال الحظوة عند ملك مصر من الهكسوس بعد أن قام بتفسير رؤياه تفسيرا يتفق ومقام النبوة ، ويتنزه عن تفسيرات رجال البلاط وحكمائه من سدنة وكهان ، فضلا عن براءته مما نسب إليه بشأن امرأة العزيز ، ومن ثم فقد قلده الملك ما يشبه وزارة التموين في عصرنا الحاضر (١) ، وإن كانت التوراة تجعله أشبه برئيس الوزراء (٢) ، وهكذا قدّر للصديق عليهالسلام أن يرتفع من رق العبودية إلى كرسي الوزارة (٣) ، وأن يتزوج ، فيما تروي التوراة ، من سيدة مصرية هي «أسنات
__________________
(١) انظر : سورة يوسف : آية ٥٤ ـ ٥٦ ، تكوين ٤١ / ١ ـ ٤٤.
(٢) تكوين ٤١ / ٤٠ ـ ٤٤.
(٣) ربما كان الصديق ، حدسا عن غير يقين ، يشرف على ما كان يسمى في مصر القديمة ، مصلحة الحقول والخزانة ، فأما مصلحة الحقول : فكان يتبعها الأراضي الزراعية على ضفاف النيل ، فضلا عن تلك التي تقع على حافة الصحراء والمحيطة بالمقابر والأهرامات الملكية ، وأما ـ