ومن هنا ، فأكبر الظن ، أن الإسرائيليين قد تأثروا بالهكسوس في اعتناق الديانة المصرية ، ومن ثم فقد رأينا «دين ستانلي» يقول : إن إقامة بني إسرائيل في مصر ، قد أثرت فيهم كثيرا ، فيما يتصل بحريتهم السابقة ونشاطهم السابق ، وإن كان الأهم من ذلك كثيرا ، أن الديانة السابقة التي تمتع بها عصر الآباء البطارقة الأقدمين ، إنما قد تلاشت الآن كثيرا.
وتقدم لنا التوراة الكثير من الأدلة على أن الإسرائيليين إنما كانوا يعبدون آلهة البلاد التي كانت تستضيفهم ، ومن هنا جاء في سفر يشوع قول الرب : «انزعوا الآلهة الذين عبدهم آباؤكم عبر النهر ، وفي مصر ، واعبدوا الرب» (١) ، كما جاء في سفر حزقيال : «في ذلك اليوم رفعت لهم يدعني لأخرجهم من أرض مصر ، إلى الأرض التي تجسستها لهم ، تفيض لبنا وعسلا ، هي فخر كل الأراضي ، وقلت لهم : اطرحوا كل إنسان منكم أرجاس عينيه ، ولا تتنجسوا بأصنام مصر ، فتمردوا عليّ ... ولم يتركوا أصنام مصر» (٢).
وهكذا عاش الإسرائيليون في مصر فترة رخاء في بادئ الأمر ، واعتنقوا ديانة المصريين ، ثم مضت فترة لا ندري مداها على وجه التحقيق ، وإن كنا لا نظن أن الاضطهاد قد بدأ بعد التحرير مباشرة ، وإنما يبدو لي أن ذلك ، إنما كان بعد حين من الدهر.
(ب) الاضطهاد ـ أسبابه ونتائجه :
ترجع التوراة أسباب اضطهاد المصريين للإسرائيليين إلى أنه «قام ملك جديد على مصر ، لم يكن يعرف يوسف ، فقال لشعبه : هو ذا بنو إسرائيل شعب أكثر وأعظم منا ، هلم نحتال لهم ، لئلا ينموا فيكون إذا حدثت حرب
__________________
(١) يشوع ٢٤ : ١٤.
(٢) حزقيال ٢٠ : ٦ ـ ٨.