نعم ، خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من روحه ، وسواه قبيلا» (١).
نبوة المرأة :
من المعروف أن النبوة في الإسلام إنما هي مقصورة على الرجال دون النساء ، لقوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ) (٢) ، وهكذا استنبط بعض العلماء من هذه الآية الكريمة أن النبوة لا تكون إلا في الرجال ، وأما النساء فليس فيهن نبية أبدا (٣) ، والحكمة من تخصيص الرجال بالنبوة دون النساء ، أن النبوة عبء ثقيل ، وتكليف شاق لا تتحمله طبيعة المرأة الضعيفة ، لأنه يحتاج إلى مجاهدة ومصابرة ، ولهذا كان جميع الرسل في محنة قاسية مع أقوامهم ، وابتلوا ابتلاء شديدا في سبيل تبليغ دعوة الله تعالى (٤) ، يقول الله تعالى لنبيه الكريم : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) (٥).
غير أن الإمام ابن حزم إنما يتجه إلى أن آية النحل (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً) ، إنما تعني الرسل دون الأنبياء ، ومن ثم فلم يدع أحد أن الله تعالى قد أرسل امرأة ، وأما النبوة ، وهي لفظة مأخوذة من الإنباء وهو الإعلام ، فمن أعلمه الله ، عزوجل ، بما يكون قبل أن يكون ، أو أوحى إليه
__________________
(١) تفسير ابن كثير ٢ / ٤٢٢ ـ ٤٢٦ ، وانظر : مسند الإمام أحمد ٥ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ، تفسير روح المعاني ٢٤ / ٨٨ ، مجمع الزوائد ٨ / ٢١٠ ، مشكاة المصابيح ٣ / ١٢٢ ، تفسير النسفي ١ / ٢٦٣ ـ ٢٦٤.
(٢) سورة النحل : آية ٤٣ ، يوسف : آية ١٠٩ وانظر : تفسير الطبري ١٤ / ١٠٨ ـ ١٠٩ ، تفسير روح المعاني ١٤ / ١٤٧ ـ ١٤٨ ، تفسير الطبرسي ١٤ / ٧٥ ـ ٧٨.
(٣) لم تكن النبوة الإسرائيلية مقصورة على الرجال دون النساء ، فلقد تنبأت المرأة ، كما تنبأ الرجال ، ومن ذلك : مريم ، أخت هارون وموسى (خروج ١٥ / ٢٠) ودبورة (قضاة ٤ / ٤) وحنة أم صموئيل النبي (صموئيل أول ٢ / ١) وخلدة امرأة شلوم بن تقوة (ملوك ثان ٢٢ / ١٤) وحنة بنت فتوئيل (لوقا ٢ / ٢٦) وبنات فيلبس العذارى الأربع (أعمال الرسل ٢١ / ٩) ، كما كانت زوجات الأنبياء يدعون أحيانا نبيات (إشعياء ٨ / ٣).
(٤) محمد على الصابوني : النبوة والأنبياء ص ١٠ ، صفوة التفاسير ٢ / ١٢٩.
(٥) سورة الأحقاف : آية ٣٥.