منبئا بأمر ما ، فهو نبي بلا شك ، فأمرها مختلف ، وقد جاء في القرآن الكريم بأن الله قد أرسل ملائكة إلى نساء ، فأخبروهن بوحي حق من الله تعالى ، كما حدث مع أم إسحاق وأم موسى وأم المسيح ، عليهمالسلام (١).
ولنقرأ هذه الآيات الكريمة ، يقول تعالى : (وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ، فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ، قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ ، وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ ، قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ ، وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ، قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ ، رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) (٢) ، فهذا خطاب الملائكة لأم إسحاق عن الله عزوجل بالبشارة لها بإسحاق ، ثم يعقوب ، ولا يمكن أن يكون هذا الخطاب من ملك لغير نبي» (٣).
هذا فضلا عن أن الله تعالى قد أرسل جبريل إلى مريم أم المسيح ، عليهمالسلام ، يقول لها : «إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا» (٤) ، فهذه نبوة صحيحة بوحي صحيح ، ورسالة من الله تعالى إليها ، وليس قوله عزوجل : (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ) (٥). يمانع أن تكون نبيه ، فقد قال الله تعالى :(يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ) (٦).
وهو مع ذلك رسول نبي (٧) ، وجاء في تفسير روح المعاني (٣/١٥٤)
__________________
(١) ابن حزم : الفصل في الملل والأهواء والنحل ٥ / ٨٧.
(٢) سورة هود : آية ٦٩ ـ ٧٣ ، وانظر : تفسير ابن كثير ٤ / ٢٦٤ ـ ٢٦٦ ، تفسير الطبري ١٥ / ٣٨١ ـ ٤٠٠ ، تفسير القرطبي ص ٣٢٩٠ ـ ٣٢٩٩ ، تفسير المنار ١٢ / ١٠٥ ـ ١٠٨.
(٣) ابن حزم : المرجع السابق ص ٨٧.
(٤) سورة مريم : آية ١٩ ، وانظر تفسير القرطبي ص ٤١٢٨ ـ ٤١٣٠.
(٥) سورة المائدة : آية ٧٥.
(٦) سورة يوسف : آية ٤٦.
(٧) ابن حزم : المرجع السابق ص ٨٧ ـ ٨٨.