(١) مكان انغلاق البحر :
قام جدل طويل بين العلماء حول تحديد هذا البحر الذي انغلق لموسى عليهالسلام ، فهو البحر الأحمر ، في رأي التوراة ، وهو بحيرة المنزلة أو جزء منها ، في رأي آخر ، وهو المنطقة التي كان يطلق عليها في العصور الهلينستية والرومانية «بحر سربونين» (Sirbonian Sea) أي «سبخة البردويل» في رأي ثالث ، أو هو النهاية الشمالية لخليج السويس ، في رأي رابع ، أو إحدى البحيرات المرة ، دونما تحديد لواحدة منها بالذات ، في رأي خامس ، أو حتى خليج السويس ، في رأي سادس (١).
وهو عند المفسرين والمؤرخين المسلمين بحر القلزم (بحر السويس ـ أي البحر الأحمر وخليج السويس) أو هو عند التقاء خليج السويس بمنطقة البحيرات ، أو هو النيل (أي أحد فروع النيل في الدلتا الشرقية) أو هو بحر «إساف أو ساف» من وراء مصر ، فلقد أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في تفسير قوله تعالى : (فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِ) قال : في البحر ، بحر يقال له ساف من وراء مصر ، أغرقهم الله فيه ، بل إن هناك رواية عن ابن عباس جاءت في تفسير الفخر الرازي تذهب إلى أن موسى لما انتهى إلى البحر مع بني إسرائيل أمرهم أن يخوضوا البحر فامتنعوا ، إلا يوشع بن نون ، فإنه ضرب دابته وخاض في البحر حتى عبر ثم رجع ، فأبوا أن يخوضوا ، وربما كان هذا يشير إلى بعض البحيرات وربما إلى بحيرة المنزلة بالذات (٢).
على أن الحماس لإثبات أن البحر الذي انغلق هو البحر الأحمر ،
__________________
(١) ٣٢٣.p ، ١٩٧٥. The Cambridge Ancient History, III, Part. ٢, Cambridge,
(٢) تفسير الفخر الرازي ٢٤ / ١٣٩ ، تفسير روح المعاني ١ / ٢٥٥ ، تفسير النسفي ٣ / ١٨٥ ، تفسير الخازن ١ / ٥٨ ، تفسير الدر المنثور ٥ / ١٢٩ ، تفسير البيضاوي ٤ / ٦٧ ، تفسير أبي السعود ٤ / ٣٧٧ ، صفوة التفاسير ١ / ٤٦٨ ، تاريخ ابن خلدون ١ / ٩٤.