أنهم ينضمون إلى أعدائنا ويحاربوننا ويصعدون من الأرض» (١).
وفي الواقع أننا إذا ما أردنا مناقشة أسباب التوراة هذه للاضطهاد المصري لبني إسرائيل ، لرأينا فيها بعض الصواب ، ولكننا سوف نرى فيها ـ في نفس الوقت ـ الكثير من الخطأ ، فالتوراة تجعل من فرعون الذي «لم يكن يعرف يوسف» سببا في الاضطهاد ، ورغم أنه سبب غير مقنع تماما ، إلا أنه ربما كان يحمل بعض الصواب بين طياته ، ذلك لأن هذا الفرعون الذي تشير إليه التوراة ـ دون أن تذكر اسمه ـ ربما كان «رعمسيس الثاني» وربما كان «سيتي الأول» ـ فيما يرى أطلس وستمنستر التاريخي ـ هو الملك الذي بدأ العمل في بناء مدينة «بر ـ رعمسيس» ، كما تدل بعض الآثار التي وجدت في موقع المدينة (٢).
وأما جهل هذا الفرعون بيوسف الصديق ، عليهالسلام ، فلعل السبب في ذلك أن الصديق إنما عاش قبل هذا الفرعون بقرون ، ترجع إلى أيام الهكسوس ، وهم الغزاة الذين يحمل لهم المصريون في قلوبهم كل الكره والبغض ، ولم يحاولوا أن يسجلوا تاريخهم ، فضلا عن تاريخ موظفيهم ، والصديق واحد منهم ، ومن هنا فقد ارتبط يوسف بحدث مؤلم في الضمير الوطني المصري ، وذلك لسببين ، الواحد أنه كان أسيويا ، وجواب رمال ، والآخر أنه كان من أكبر موظفي الدولة المحتلة المكروهة ، وطبقا لوجهة النظر الأخيرة ، فإن أي إعجاب بيوسف إنما كان يعني ـ في نظر فرعون ـ الثناء على الهكسوس (٣).
وأما ما تذهب إليه التوراة من أن الإسرائيليين قد أصبحوا «شعبا أعظم
__________________
(١) خروج ١ : ٨ ـ ١٠.
(٢). ٣٧ The Westminester Historical Atlas to the Bible, p.
(٣) ١١٧W.Keller ,op ـ cit ,p ..