وأكثر» من المصريين ، فهذا منطق غير مقبول ، وأن النص التوراتي لا شك أنه قد أوغل في المبالغة ، وأغرق في التعصب ، ذلك أن التوراة نفسها إنما تحدثنا أن بني إسرائيل عند ما قدموا إلى مصر ، للمرة الأولى ، إنما كان «جميع نفوس بيت يعقوب التي جاءت إلى مصر سبعون» (١) ، وها نحن الآن على أيام الاضطهاد ـ ثم الخروج فيما بعد ـ وقد انصرمت ٢١٥ سنة ، على رأي التوراة السبعينية ـ أو ضعف هذا الرقم على رأي التوراة العبرية ـ حتى يصبح هذا البيت من الناس «شعبا أعظم وأكثر» من المصريين ـ أصحاب أعظم وأقوى دولة في العالم وقت ذاك ـ أو حتى يصبح عدد بيت يعقوب قد ناهز المليوني ـ ربما الثلاثة ـ فلما طردوا من مصر ، كان من بينهم «نحو ستمائة ألف ماش من الرجال ، عدا الأولاد ، فكان جميع الأبكار الذكور ، من ابن شهر فصاعد ، اثنين وعشرين ألفا ومائتين وثلاثة وسبعون» (٢) ، فإذا ضاعفنا هذا العدد كان الأبكار من الجنسين قرابة ٤٥ ألف.
ويعلق بعض الباحثين على ذلك ، بأننا لو قسمنا عدد الجماعة على الأبكار ، لخلصنا إلى أن المرأة الإسرائيلية من اليهود الأبقين ، كانت تلد زهاء ٦٥ وليدا ، وهو أمر لا يستقيم مع المنطق ، فضلا عما تعرضوا له من ذلة وعسف تحت رؤساء التسخير ، ولا مع ما روى من عبورهم البحر في سويعات قصار ، ومن ثم فإن علماء اللاهوت والمؤرخين ، سواء بسواء ، أصبحوا الآن لا يعلقون على هذه الأرقام التي ذكرتها التوراة أية أهمية ، ويعتبرونها محض خيال إسرائيلي (٣) ، ـ الأمر الذي سوف نناقشه عند الحديث عن الخروج.
__________________
(١) تكوين ٤٦ : ٢٦ ـ ٢٧.
(٢) خروج ١٢ : ٣٢ ، عدد ٤٣ : ٤٣.
(٣) عصام الدين حفني ناصف : محنة التوراة على أيدي اليهود ، القاهرة ١٩٦٥ ص ٣٥ ، أحمد عبد الحميد يوسف : المرجع السابق ص ٧٢. وكذا
٣٥٨.p ، ١٩٣١.S.A.Cook ,The Rise of Israel ,CAH ,II ,