تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) (١).
واقتحم بنو إسرائيل البحر الذي صار فيه اثنا عشر طريقا ، في كل طريق سبط ، وكأن الطريق إذ انغلقت بجدران ، فقال : كل سبط ، قد قتل أصحابنا ، فلما رأى ذلك دعا الله فجعلها قناطر كهيئة الطيقان ، فنظر آخرهم إلى أولهم ، حتى خرجوا جميعا ، ثم دنا فرعون وأصحابه فلما نظر فرعون إلى البحر منفلقا ، وتحقق ما كان يتحققه قبل ذلك من أن هذا من فعل رب العرش الكريم ، فأحجم ولم يتقدم وندم في نفسه على خروجه في طلب بني إسرائيل ، لكنه أظهر لجنوده تجلدا ، وقال : ألا ترون البحر فرق مني ، وقد تفتح لي حتى أدرك أعدائي فأقتلهم ، فذلك قول الله (وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ ، وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ، ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) (٢).
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن التوراة قد اختلفت في تفسيرها للمعجزة الكبرى عن القرآن الكريم ، فالتوراة ترجعها إلى ريح شرقية هبت فأزالت الماء وظهرت اليابسة ، وحينئذ عبر بنو إسرائيل (٣) ، ويذهب «روبنسون» إلى أن ريحا شرقية شمالية هبت على هذا الجزء ، بدرجة تكفي لطرد الماء من بعض الأماكن ، وعلى كل حال ، فلقد تغيرت
__________________
ـ سفيان وقال : إن كان بقي فيهم شيء من النبوة فسيخبرني عما أسألهم عنه ، قال وكتب إليه يسأله عن المجرة وعن القوس وعن البقعة التي لم تصبها الشمس إلا ساعة واحدة ، قال فلما أتى معاوية الكتاب والرسول ، قال هذا شيء ما كنت أو به له أن أسأل إلى يومي هذا ، من لهذا؟ فقالوا : ابن عباس (ابن عم النبي صلىاللهعليهوسلم) وطوى معاوية كتاب هرقل وبعثه إلى ابن عباس فكتب إليه : إن القوس أمان لأهل الأرض من الغرق ، والمجرة باب السماء الذي تشق منه ، وأما البقعة التي لم تصبها الشمس إلا ساعة من نهار ، فالبحر الذي أفرج عن بني إسرائيل (الدر المنثور ١ / ٦٩ ، حلية الأولياء ١ / ٣٢٠).
(١) سورة طه : آية ٧٧.
(٢) سورة الشعراء : آية ٦٤ ـ ٦٦ ، تاريخ الطبري ١ / ٤١٥ ، البداية والنهاية لابن كثير ١ / ٢٧٢.
(٣) خروج ١٤ / ٢١ ـ ٣١.