«إسرائيل» فقد مثل برجل وامرأة وثلاثة خطوط رأسية خاصة بالجمع ، ولا سبيل في هذه القصيدة إلى التشكيك بما قد يقال من احتمال خطأ الكاتب المصري القديم وسهوه ، كما ذهب إلى ذلك «جون ويلسون» (١) ، ومن ثم فهذا المخصص على هذه الصورة إنما يشير إلى أقوام أجانب أو قبائل أجنبية ، وليس إلى أرض أجنبية (٢) ، وفي الواقع أننا لو نظرنا إلى ترتيب المناطق ، كما جاء على اللوح ، فإننا نجد أنها قد كتبت من الشمال إلى الجنوب ، ومن الجنوب إلى الشمال ، في داخل كل قطاع ، ولا شك في أن الكتاب المصري إنما كان موفقا واعيا ، فلقد وردت أسماء الشعوب والبلاد الأجنبية في ذلك النص تسع عشرة مرة ، لم يغفل رسم الأرض الأجنبية في واحدة منها ، مما سبق اسم إسرائيل أو لحق به ، بل كان من دقته أنه في ذكر اسم الشرطة المصرية وقد كان رجالها يتخذون من بجاة النوبة ، قد اقتصر مع رسم رمز الناس ، على رمز يدل على الأجنبي ، دون رسم الأرض ، لأنهم في غير أرض لهم (٣).
وانطلاقا من هذا كله ، يمكننا القول أن إسرائيل إنما ذكرت على أنهم أقوام عاشوا على الحدود المصرية ، وأنهم كانوا لا وطن لهم طوال تاريخهم ، ومن ثم فإن التوراة تسميهم «أبناء إسرائيل» ، وأنهم ليسوا سكان هذه الأرض أو تلك ، ومن ذلك نعرف أن عناصر النقش نفسه إنما تعارض القول بأن الإسرائيليين كانوا يسكنون فلسطين ، بل على العكس ، فإنها تميل إلى أن الأرض التي كانت ، في نظرهم ، تفيض بالمن والسلوى لم تكن قد احتلت بعد ، إذ كانت كنعان ما تزال بعد ، الأرض الموعودة ، ولم تصبح بعد
__________________
(١) ٣٧٨ ، No. ١٨.J.A.Wilson ,ANET ,P.
(٢) ٥٤٤.p ، ١٩٧٥. O.Eissfeldt ,CAH ,Part ,٢ ,Cambridge ,
(٣) أحمد عبد الحميد يوسف : المرجع السابق ص ١٤٥.