عذر قريب ؛ وفتح «فعال» من الأمر : لغة أسدية ؛
وأقول : (١) لو كان «فعال» ، فعلا ، لاتّصل به الضمائر ، كما في سائر الأفعال ، وقال المبرد : فعال ، في الأمر من الثلاثي مسموع ، فلا يقال : قوام وقعاد ، في : قم ، واقعد ، إذ ليس لأحد أن يبتدع صيغة لم تقلها العرب ، وليس لنا في أبنية المبالغة أن نقيس ، فلا نقول في شاكر ، وغافر : شكير ، وغفير ؛
قلت : هذا القول منه مبني على أن «فعال» معدول عن : افعل ، للمبالغة وكذا يقول أكثرهم ، وفيه نظر ، كما يجيء ؛
قال الأندلسي : منع المبرد قوي ، فالأولى أن يتأوّل ما قاله سيبويه بأنه أراد بالاطراد : الكثرة ، فكأنه قياس ، لكثرته (٢) ؛
وأمّا في الرباعي ، فالأكثرون على أنه لم يأت منه إلا حرفان : قرقار ، أي صوّت ، قال :
٤٥٤ ـ قالت له ريح الصبا قرقار (٣)
والثاني : عرعار ، أي : تلاعبوا (٤) بالعرعرة ، وهي لعبة لهم ، قال :
٤٥٥ ـ متكنفي جنبي عكاظ كليهما |
|
يدعو وليدهم بها عرعار (٥) |
__________________
(١) تعقيب منه على كلام ابن الحاجب في إمكان اعتباره فعل أمر ؛
(٢) عبارة سيبويه في ج ٢ ص ٤١. واعلم أن فعال جائز من كل ما كان على بناء فعل ، أو فعل ، أو فعل ، ولا يجوز من أفعلت ، لأنّا لم نسمعه من بنات الأربعة ؛
(٣) هذا في وصف سحاب هبت له ريح الصبا فهيجت رعده ، فكأنما قالت له : قرقر بالرعد أي صوّت به ، وقد نسبه الجوهري إلى أبي النجم العجلي ، وأورد بعده : واختلط المعروف بالانكار.
(٤) صيغة فعل أمر من : تلاعب ، أي أن الصبيان ينادي بعضهم بعضا بكلمة عرعار ، كأنهم يقولون : هيّا تلاعبوا ؛
(٥) من قصيدة للنابغة الذبياني ؛ وكان صديقا لعمرو بن المنذر ، وقوم النابغة من أعداء عمرو ، وكانوا قد اعتزموا حربه فبعث إليه النابغة يحذره ويخبره بأنهم متجهون إلى حربه وأنهم نزلوا بعكاظ ومعهم أولادهم يلعبون في كل مكان ينزلون به ، ومن أبيات هذه القصيدة :
من مبلغ عمرو بن هند آية |
|
ومن النصيحة كثرة الانذار |