هذا كلامه ؛ والذي أرى أن كون أسماء الأفعال معدولة عن ألفاظ الفعل : شيء لا دليل لهم عليه ، والأصل في كل معدول عن شيء ألّا يخرج عن نوع المعدول عنه ، أخذا من استقراء كلامهم ، فكيف خرج الفعل بالعدل من الفعلية إلى الاسمية ، وأمّا المبالغة فهي ثابتة في جميع أسماء الأفعال ، على ما بيّنا قبل ، لا من الوجه الذي ادّعى عبد القاهر ،
وتأنيث الفعل في : دعيت نزال ، لا يدل على أن أصل نزال : فعل أمر مكرر ، بل هو لتأويل «نزال» باللفظة أو الكلمة أو الدعوة ، كما يجيئ في باب العلم ، وكذا لا يخلو قسما (١) المصدر والصفة من معنى المبالغة ، فحماد ، ولكاع : أبلغ من : الحمد ، ولكعاء :
الثاني : من أقسام فعال ، المصدر ، وهو ، على ما قيل ، مصدر معرّف مؤنث ، ولم يقم لي ، إلى الآن ، دليل قاطع على تعريفه ولا تأنيثه ، ومذهبهم أنه من أعلام المعاني ، كزوبر (٢) ، وسبحان ، على ما يجيئ في باب العلم ؛
وربّما استدلّ على تأنيث اسم الفعل والمصدر بتأنيث الصفة وعلم الشخص طردا ، فإنهما مؤنثان اتفاقا ، إذ لا يطلقان إلا على المؤنث كما يجيئ ، وهذا استبدلال عجيب ؛ وقيل : فجار معرفة في قوله :
٤٥٧ ـ إنا اقتسمنا خطيتنا بيننا |
|
فحملت برّة واحتملت فجار (٣) |
لتعريف قرينته ، وهي «برّة» ، وهذا الدليل كالأول في الغرابة ، إذ حمل كلمة على أخرى في التأنيث أو التعريف مع عدم استعمال المحمولة معرفة ومؤنثا شيء بديع ؛ بلى ، لو ثبت وصف نحو : فجار بالمؤنث المعرّف ، نحو : فجار القبيحة مثلا ، جاز الاستدلال
__________________
(١) أي القسمان الآخران من أقسام فعال ، وسيتحدث عنهما بعد قليل ؛
(٢) زوبر ، علم جنس على معنى الإحاطة والشمول ، ومن شواهد استعماله قول الفرزدق :
إذا قال غاد من تنوخ قصيدة |
|
بها جرب عدّت عليّ بزوبرا |
أي بكمالها وكل ما فيها وهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث المعنوي ، انظر شرح ابن يعيش على مفصل الزمخشري ج ١ ص ٣٨.
(٣) من قصيدة للنابغة الذبياني ، وهو يقصد زرعة بن عمرو الكلابي ، وكانت بينهما مهاجاة ، وأول هذه القصيدة :
نبئت زرعة والسفاهة كاسمها |
|
يهدى إليّ غرائب الأشعار |