لأنهم في التقوّي والبطش بهم بمنزلة الأيدي ؛ ويجوز أن يكون في الأصل انتصابه على الحال ، على حذف المضاف ، وهو «مثل» ، ويجوز أن يكون على المصدر ، والمعنى مثل تفرق أيدي سبا ، وأمره في بناء الأول والثاني ، كما مرّ في : بادي بدي ، فلذا ألزم ياء «أيدي» السكون ، وسكنت همزة «سبأ» ثم قلبت ألفا ؛ وقد يقال : أيدي سبأ بالتنوين ، فيكون : أيدي ، وأيادي ، مضافين إلى «سبا» لكنه يلزم سكون ياءيهما ، وقلب همزة «سبا» ؛
وقد استعمل جوازا كخمسة عشر مبنية الجزأين : ظروف ، كيوم يوم وصباح مساء ، وحين حين ؛ وأحوال نحو : لقيته كفة كفة ، وهو جاري بيت بيت ؛ وأخبرته أو لقيته صحرة بحرة ؛
ويجوز أيضا ، إضافة الصدر من هذه الظروف والأحوال إلى العجز ، وإنما لم يتعيّن بناء الجزأين فيهما ، كما تعيّن في «خمسة عشر» ، لظهور تضمن الحرف في خمسة عشر ، دون هذه المركبات ، إذ يحتمل أن تكون كلها بتقدير حرف العطف ، وألّا تكون ؛
فإذا قدّرناه قلنا ان معنى لقيته يوم يوم ، وصباح مساء ، وحين حين ، أي : يوما فيوما ، وصباحا فمساء ، وحينا فحينا ، أي : كل يوم وكل صباح ومساء وكل حين ، والفاء تؤدّي معنى هذا العموم ، كما في قولك : انتظرته ساعة فساعة أي في كل ساعة ، إذ فائدة الفاء : التعقيب ، فيكون المعنى : يوما فيوما عقيبه ، بلا فصل ، إلى ما لا يتناهى ، فاقتصر على أول المكرّر ، أي التثنية ، كما في قوله تعالى : (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ)(١) ، ولبّيك ، ونحوه ، وكذا في : صباح مساء ، وحين حين ؛
وقلنا (٢). ان أصل لقيته كفّة كفّة ، معناه : متواجهين ذوى كفّة مني ، وكفّة منه ، كأنّ كلّا ، منّا كان يكف صاحبه عن التولّي والاعراض ، وأصل جاري بيت بيت ،
__________________
(١) الآية ٤ سورة الملك ؛
(٢) متصل بقوله : فإذا قدرناه قلنا ..