............................. |
|
فدعاء قد حلبت على عشارى (١) |
الفدعاء : المعوجّة الرّسغ ، من اليد أو الرجل ، فتكون منقلبة الكفّ ، أو القدم إلى أنسيّهما (٢) ، يعني أنها لكثرة الخدمة صارت كذلك ، أو : هذا خلقة بها ، نسبها إلى شوه الخلقة ؛ (٣) وإنما عدّى «حلبت» بعلى ، لتضمين «حلبت» معنى : ثقلت ، أو تسلّطت ، أي كنت كارها لخدمتها ، مستنكفا عنها ، فخدمتني على كره مني ؛
ووجه النصب في «عمة» ، كون «كم» خبرية ، على ما تقدم من جواز نصب مميزها عند بعضهم ، أو استفهامية ، وإن لم يرد معنى الاستفهام ، لكنه على سبيل التهكم ، كأنه يقول : نفس الحلب ثابت ، إلا أنه ذهب عني عدد الحلبات ؛ والجر ، على أن «كم» خبرية ، والرفع ، على حذف التمييز ، امّا مصدرا بتقدير : كم حلبة ، نصبا وجرا ، فالنصب على الاستفهام على سبيل التهكم ، والجر على الاخبار ؛ وإما ظرفا بتقدير : كم مرة ، نصبا على التهكم وجرا على الأخبار ؛ فترتفع «عمة» بالابتداء ؛ و : «لك» ، صفتها ، والخبر : قد حلبت ، و «كم» في الوجهين منصوبة المحل ، امّا مفعول مطلق لخبر المبتدأ ، أو ظرف له ، كما تقول : أضربتين زيد ضرب؟ و : أمرّتين زيد ضرب؟ ؛ واعلم أن مميز «كم» لا يكون إلا نكرة ، استفهاما كان ، أو ، لا ؛
أمّا الاستفهامية ، (٤) فلوجوب تنكير المميز المنصوب ، وأمّا الخبرية ، فلأنها كناية عن عدد مبهم ، ومعدود كذلك ، والغرض من الإتيان بالمميز : بيان جنس ذلك المعدود المبهم فقط ، وذلك يحصل بالنكرة ، فلو عرّف ، وقع التعريف ضائعا ؛
و «كم» في حالتيها ، مفرد اللفظ ، مذكر ، قال الأندلسي ، فيجوز الحمل على
__________________
(١) هو ، كما قال الشارح للفرزدق في هجاء جرير ، وهي قصيدة امتلأت بالفحش والسبّ المقذع ، والبيت مشهور متداول في جميع كتب النحو ؛
(٢) أي إلى جانبه الأيمن أو الأيسر ، على خلاف بين علماء اللغة في تحديد معنى الانسيّ والوحشيّ ؛
(٣) أي تشوّه الخلقة ؛
(٤) يعني : أما سبب التنكير في مميز الاستفهامية ؛ وكذلك في مقابله الآتي ؛