إلى وقت التكلم ، وإمّا بذكر أول الزمان المتصل آخره بزمان التكلم غير متعرض لذكر الآخر ، للعلم باتصاله بوقت التكلم ، مخصصا لذلك الأول بما لا يشاركه فيه غيره مما هو بعده ، نحو : مذ يوم الجمعة ومذ يوم قدمت فيه ، ومذ قام زيد ؛ تريد يوم الجمعة الأقرب إلى وقت التكلم ، إذ لا يشاركه في هذا الاسم ، ما بعده من الأيام ، ففي الأول يجب أن يكون أصل «منذ» : من أول اذ ، فحذف «أول» المضاف إلى «إذ» ثم ركب «منذ» من «من» ، و «إذ» كما ذكرنا ، وذلك لأن معنى منذ زيد نائم : من أول وقت نوم زيد ، وأمّا الثاني فلا يحتاج فيه إلى تقدير مضاف وحذفه، إذ معنى منذ قام زيد، منذ قيام زيد ؛ فنقول :
يضاف منذ إلى جملتين : أمّا الاسمية الجزأين فنحو : منذ زيد قائم ، والمعنى فيها جميع المدة ؛ ولا أعلمها بهذا القيد مستعملة لأول المدة ؛
وأما التي أحد جزأيها فعل ، فان كان الفعل ماضيا ، نحو : منذ قام زيد ، ومنذ زيد قام ، فهو لأول المدة ؛ وان كان مضارعا ، نحو : منذ يكتب زيد ، ومنذ زيد يكتب ، فإن كان المضارع حالا فهو لجميع المدة ، وإن كان حكاية حال ماضية ، فهو لأول المدة ، ولا يكون مستقبلا ، لأن منذ لتوقيت الزمان الماضي فقط ، لتركبه من «إذ» الموضوع للماضي ؛
وقال الأخفش : لا يجوز : مذ يقوم زيد ، للزوم مجازين : كون «يقوم» قائما مقام «قام» ، وحذف زمان مضاف على ما يجيئ في تقرير مذهب جمهور البصريين ،
والأصل جوازه (١) ، لأن «يقوم» ، كما قلنا ، حال ، أو حكاية حال ، وليس المضاف محذوفا ، كما اخترنا ؛
وجاز ، أيضا ، أن يضاف «منذ» إلى الجملة المصدّرة بحرف مصدري ، لتغيّر «إذ» بالتركيب عن صورته التي كان معها واجب الاضافة إلى الجملة ، فيكون كريث ، وآية ،
__________________
(١) هذا ردّ على ما ذهب إليه الأخفش من منع نحو : مذ يقوم زيد ؛