وأمّا سحر ، فأمره مشكل ، سواء قلنا ببنائه أو بترك صرفه ، لأنه مخالف لأخواته ، من : صباحا ، ومساء ، وضحى ، معيّنة ، إذ هي معربة منصرفة ، فهو شاذ من بين أخواته ، مبنيا كان أو غير منصرف ؛
وإنما لم يبنوا «غدا» مع قصد غد يوم التكلم ، كما بني أمس ، تفضيلا لتعريف الداخل في الوجود على تعريف المقدّر وجوده ، وذلك لأن التعريف فرع الوجود ، ووجوده ذهني ، فكذا تعريفه ، بخلاف «أمس» فإنه قد حصل له وجود ، وإن كان منتفيا في حال التكلم ، فتعريفه يكون أقوى ، مع أنه قد روي عن بعض العرب إعرابه مع صرفه ، كغد ، وليست (١) بمشهورة ؛
وأمّا بنو تميم ، فالذي نقل عنهم سيبويه (٢) : إعرابه غير منصرف في حال الرفع ، وبناؤه على الكسر ، كالحجازيين ، في حالتي النصب والجر ؛ قال سيبويه : وبعض بني تميم يفتحون أمس بعد «مذ» ؛
قال السيرافي : وإنما فعلوا ذلك ، لأنهم تركوا صرفه ، وما بعد «مذ» يرفع ويخفض ، فلما ترك صرفه من يرفع منهم ، نحو : مذ أمس ، تركه أيضا بعدها من يجرّ ، فكان مشبّها بنفسه ؛ قال :
٥١٠ ـ لقد رأيت عجبا مذ أمسا |
|
عجائزا مثل السعالى خمسا (٣) |
قال : وهذا قليل ، لأن الخفض بعد «مذ» قليل ؛
__________________
(١) أي اللغة التي تشير إليها الرواية عن بعض العرب ،
(٢) في ج ٢ ص ٤٢
(٣) من شواهد سيبويه، ٢ / ٤٤ ، وهو من رجز أورده أبو زيد في النوادر، قال سمعته من بعض العرب ، وبعده :
يأكلن ما في رحلهن همسا |
|
لا ترك الله لهنّ ضرسا |
وزاد بعضهم فيه ؛ وقال البغدادي بعد أن أفاض في شرح الشاهد ونقل كثيرا مما كتبه عن سيبويه : إن الشاهد من الشواهد الخمسين التي لم يعرف لها قائل ؛