قولك : ضارب يضارب مضاربة : على وزن فاعل يفاعل مفاعلة ؛ وهو تنوين المقابلة ، عنده ، لا تنوين الصرف ؛
والقسم الذي هو كناية عن موزونه فقط مع اعتبار معناه : حكمه عند سيبويه (١) في الصرف وتركه : حكم الموزون ، قال المتنبي :
كأنّ فعلة لم تملأ مواكبها |
|
ديار بكر ولم تخلع ولم تهب (٢) ـ ٤٧٥ |
فمنعه الصرف ، لأن موزونه : خولة ، وتقول : مررت برجل أفعل ، أي أحمق ؛
وقال المازني : ليس في فعلة ، علميّة ، ولا في أفعل معنى الوصف ؛
فهو ، إذن ، ينظر إلى لفظ الكناية ، لا إلى الموزون المكنى عنه ، فلا يصرف نحو : فعلى ومفاعل ، لاشتمالهما على سبب منع الصرف ، ويصرف نحو : مررت برجل أفعل أي أحمق ، وفعلة ، أي حمزة ؛
ومذهب سيبويه هو الحق ، إذ معناه معنى الموزون ، والكناية عن العلم جارية في اللفظ مجراه ، بدليل ترك إدخالهم اللام على فلان ، وفلانة ، (٣) ومنعهم صرف فلانة ، كما يجيئ ؛
وأمّا إن أردت بالأوزان أوزان الفعل ، فحكمها حكم موزوناتها ، حركة وسكونا ، وتجردا عن التنوين ، كان الموزون معها أو ، لا ، نحو قولك : افعل : أمر ، واستفعل : حكمه كذا ، وضارب يضارب ، على وزن فاعل يفاعل ، اشعارا بكونه مرادا به الفعل ، الذي لا حظّ له ، لا في الصرف ، ولا في تركه ، أو مرادا به وزن الفعل ؛ لكنه مع ذلك علم لوصفه بالمعرفة ، كقولك : افعل الذي همزته مكسورة : أمر للمخاطب ؛
فجملة الكلام : أن الأوزان : إمّا أن يراد بها الموزونات أو ، لا ؛ والأول إن كان
__________________
(١) يستفاد من كلامه ج ٢ ص ٦ ،
(٢) تقدم في أول باب الكنايات من هذا الجزء ، وهو للمتنبي ، وكنى بفعلة عن خولة أخت سيف الدولة ؛
(٣) يعني إذا كانا كنايتين على علمي المذكر والمؤنث من الأناسيّ