ثم اعلم أن اسم الجنس إنما يطلق على بعض أفراده المعيّن : بأداتي التعريف ، وهما : اللام والإضافة ، فالعلم الغالب : اما مضاف ، أو ذو لام ، فالمضاف نحو : ابن عباس ؛ غلب بالإضافة ، على عبد الله ؛ من بين أخوته ، وكذلك : ابن عمر ، وغير ذلك ؛ وذو اللام ، كالصّعق (١) والنجم ، واللام في الأصل لتعريف العهد ، وقد تقدم أن العهد قد يكون بجري ذكر المعهود قبل ، وقد يكون بعلم المخاطب به قبل الذكر ، لشهرته ، فاللام التي في الأعلام الغالبة من القسم الثاني ، فإن معنى النجم ، قبل العلمية : الذي هو المشهور المعلوم للسامعين من النجوم ، لكون هذا الاسم أليق به من بين أمثاله ، وكذا : البيت في بيت الله ؛ لأن غيره كأنه بالنسبة إليه ، ليس بيتا ، وكذا : المضاف نحو : ابن عباس ، لأن التعريف الحاصل بالإضافة كالتعريف الحاصل بلام العهد ، سواء ؛ فلا يقال غلام زيد ، إلا لأليق غلمانه بهذا الاسم ، بكونه أعظمهم أو أخصّهم به ، وبالجملة : لأشهرهم بغلاميته حتى كأن غيره ، ليس غلاما له بالنسبة إليه ،
فالحاصل أن المضاف ، وذا اللام ، الغالبين في العلمية ، يجب كونهما أشهر فيما غلبا فيه ، منهما في سائر الأفراد التي شاعا فيها قبل العلمية ، فإذا صارا علمين ، اتفاقيا ، لزمت الإضافة فيما كان مضافا ، فلا يجوز تجريده عنها ، وأمّا ذو اللام فالأكثر فيه ، أيضا ، لزوم اللام ، وقد يجوز تجريده عنها ، كما قيل في النابغة : نابغة ، وذلك قليل ؛
قال سيبويه : يكون «اثنان» علما لليوم المعيّن بلا لام ، تقول : هذا يوم اثنين ، مباركا فيه ؛ وردّه المبرد ، وقال : هو حال من النكرة ، قال : ولا يكون علما إلا مع اللام لكونه من الغالبة ؛
وقد ذكرنا الغوالب بتقاسيمها في باب النداء ، فليرجع إليه ؛ (٢)
__________________
(١) تقدم تفسيره قريبا ؛
(٢) انظره في الجزء الأول من هذا الشرح