بخلاف أسماء حروف المعجم ، فإنها لم توضع إلا لتستعمل مفردات لتعليم الصبيان ومن يجري مجراهم ، موقوفا عليها ، فإذا استعملت مركبة مع عاملها فقد خرجت عن حالها الموضوعة لها ، فلا تحكى ؛
وإنما وجب إعراب الكلمة المبنية إذا سمّي بها غير اللفظ ولم تجز حكايتها كما جازت إذا سميت بها اللفظ ، لأنك لم تراع ، إذن ، أصل معناها الذي كانت بسببه مبنية أصلا ، بل أخرجتها عنه بالكلية ؛ وأمّا إذا جعلتها اسما للّفظ ، فإنك تراعي معناها من وجه ، وذلك أن معنى : انّ تنصب وترفع ، أي : أن التي معناها التحقيق تنصب وترفع ، فلك ، إذن ، نظر إلى أصل معناها ؛
والدليل على أن المدّ في نحو قولك هذه باء : مزيد ، ولم يكن في أصل الوضع ، قولك في الأفراد : با ، تا ، ثا ، بلا مدّ ، وما وضع على ثلاثة ، يكون في حال الأفراد ، أيضا ، كذلك ، كزيد ، عمرو ، بكر ؛ (١)
وسيبويه (٢) ، جعل : أبا جاد ، وهوّازا ، وحطّيّا ، بياء مشددة : عربيات فهي ، إذن ، منصرفة ، وجعل : سعفص ، وكلمون ، وقريشيات : أعجميات فلا تصرف للعلمية والعجمة ؛
وإنما جعل الأول عربية ، لأن : أبا جاد ، مثل أبي بكر ، وجاد ، من الجواد ، وهو العطش ، وهوّاز ، من هوّز الرجل أي مات ، وحطيّ من حط يحّط ؛ وقال المبرد : يجوز أن تكون كلها أعجميات ، قال السيرافي : لا شك أن أصلها أعجمية ، لأنها كان يقع عليها تعليم الخط بالسريانية ؛
وقريشيات يدخلها التنوين كما في : عرفات ، وتعريفها من حيث كونها اعلاما للّفظ ، إذا ركبتها مع العامل نحو : اكتب كلمون ، أي هذا اللفظ أو هذه الكلمة ؛
__________________
(١) يعني يكون ساكن الآخر حتى يدخل في التركيب بجعله جزء كلام ؛
(٢) الكتاب ج ٢ ص ٣٦ ،