فلم يبق إلا مئات يضاف إليها ، لعوز جمع التكسير (١) ، كما في (ثَلاثُ عَوْراتٍ)(٢) لكنهم كرهوا أن يلي التمييز المجموع بالألف والتاء ، بعد (٣) ما تعوّد المجيئ بعد ما هو في صورة المجموع بالواو والنون ، أعني : عشرين إلى تسعين ، فاقتصر على المفرد ، مع كونه أخصر ، وارتفاع (٤) اللبس ؛
وقد جاء في ضرورة الشعر : ثلاث مئين ، وخمس مئين ؛ قال :
٥٢٨ ـ ثلاث مئين للملوك وفى بها |
|
ردائي وجلت عن وجوه الأهاتم (٥) |
وبعضهم يقول في مئون : مؤون بضم الميم ، وبعضهم يشمّ كسر ميم مائة في الواحد أيضا ، شيئا من الضم ، ولا يبيّن الضم ، وذلك هو الإخفاء ،
قال الأخفش : لو صممت ميم مئات فقلت : مؤات كما في مؤون جاز ، وبعضهم يجعل نون مئين معتقب الإعراب كسنين كما يجيئ في الجمع ؛
وقال الأخفش : هو فعلين في الأصل كغسلين فحذفت اللام ؛ فهو عنده مفرد ، وليس بشيء ، إذ لو كان مفردا ، لقيل لمائة واحدة : مئين ، ولعله عنده اسم جمع ، وقال بعضهم : هو : فعيل ، كعصيّ (٦) فأبدلت الياء الأخيرة نونا ؛ وقوله :
__________________
(١) أى لفقده وعدم وجوده
(٢) الآية ٥٨ من سورة النور وتقدمت ،
(٣) متعلق بقوله يلي وتقديره : أن يجيء بعد ...
(٤) معطوف على كونه أخصر
(٥) رواية البيت : فدا لسيوف من تميم وفى بها .. وهو للفرزدق الذي دفع رداءه لسليمان بن عبد الملك رهنا وكان سليمان قد خطب في الناس بمكة فذكر غدر بني تميم في قصة طويلة فقام الفرزدق وقدم رداءه وقال يا أمير المؤمنين هذا ردائي رهن لك بوفاء بني تميم والذي بلغك كذب ، وبعد هذا البيت :
شفين حزازات الصدور ولم تدع |
|
علينا مقالا في وفاء للائم |
(٦) وزن عصيّ : فعول بضم الفاء ولكنه صوّره هكذا باعتبار اللفظ نظرا لكسر أوله إتباعا ،