النملة في قوله تعالى : (قالت نملة) (١) : ذكرا ، واعتبر لفظه فأنث ما أسند اليه ؛ ولا يجوز ذلك في علم المذكر الحقيقي الذي فيه علامة التأنيث ، كطلحة ، لا يقال : قامت طلحة ، الا عند بعض الكوفيين ، وعدم السماع مع الاستقراء ، قاض عليهم (٢) ؛
ولعل السرّ في اعتبار التأنيث في منع صرفه ، لا في الاسناد اليه ، ان التذكير الحقيقي ، لما طرأ عليه ، منع أن يعتبر حال تأنيثه في غيره ، ويتعدى اليه ذلك ، وأمّا منع الصرف فحالة تختص به لا بغيره ؛
وإذا كان المؤنث اللفظي حقيقيّ التذكير ، وليس بعلم ، كشاة ذكر ، جاز في ضميره ، وما أشير به اليه : التذكير والتأنيث ، نحو : عندي من الذكور حمامة حسنة وحسن ؛ قال طرفة ؛
٥٣٩ ـ مؤلّلتان تعرف العتق فيهما |
|
كسامعتي شاة بحومل مفرد (٣) |
ولا يجوز في غير الحقيقيّ التذكير ؛ نحو غرفة حسنة ، ولا يجوز أن يقال : صاح دجاجة أنثى على أنك ألغيت تأنيث دجاجة بالتاء ، لكونها للوحدة ، لا للتأنيث ، لأنك وان ألغيتها ، يبقى التأنيث الحقيقي فيكون ، كقام هند ، وهو في غاية الندرة ، كما يجيء ؛
__________________
(١) من الآية ١٨ التي تقدمت من سورة النمل ، وهذا هو الوجه المقابل لما ذكره في الموضع المتقدم قبل صفحات في الحديث عن المعاني التي تأتي لها التاء.
(٢) أي حاكم ببطلان مذهبهم ؛
(٣) هو من أبيات معلقته وتقدمت منها بعض الشواهد في هذا الجزء ، والبيت في وصف أذني ناقته وقوة إدراكهما وصدق حسّها وقبله :
وصادقتا سمع التوجس للسّرى |
|
لجرس خفى أو لصوت مندد |
وقوله صادقتا مثنى صادقة أي أن ما تسمعه وتحس به صادق لا محالة ؛ ومؤللتان : أي محددتان مثل تحديد الحربة في الانتصاب ، والعتق : الكرم والنجابة ، قالوا : أراد بالشاة التي شبه اذني الناقة بأذنيها : ثور الوحش ، وحومل اسم مكان ، ومفرد أي منفرد في هذا المكان وانفراده يجعله يسمع ما حوله أكثر ؛