وحكى سيبويه عن بعض العرب : قال فلانة ، استغناء بالمؤنث الظاهر عن علامته ، أنكره المبرد ؛ ولا وجه لانكار ما حكى سيبويه مع ثقته وأمانته ؛
كان الرافع نعم وبئس ، فكل واحد من الحذف والاثبات فصيح ، نحو :؟؟؟ هند ، ونعمت المرأة هند ، لمشابهتهما للحرف بعدم التصرف ؛
ولا تلحق نحو أكرم بهند في التعجب ، عند من أسند أكرم إلى هند ، كما لا تلحقه الضمائر ، نحو قوله تعالى : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ)(١) ، لكون الفعلين غير متصرفين وأيضا للزوم كون الفاعل في صورة المفعول ، والفعل في صورة ما يطلبه بالمفعولية ، أمّا نحو قولك ما جاءتني من امرأة وكفت بهند ، فليس انجرار الفاعل بلازم ولا الفعل في صورة ما يطلب المجرورين بالمفعولية ؛
وإن كان منفصلا عن رافعه ، فان كان بالّا ، نحو ما قام الا هند ، فالأجود : ترك التاء في الرافع ، لأن المستثنى منه المقدر ، هو الذي كان في الأصل مرفوعا بالفاعلية ، على ما مرّ في باب الاستثناء ، فالمستثنى قام مقامه في الارتفاع مع الفصل بإلّا ، أو نقول : المسند اليه هو : الّا مع المستثنى ، من حيث المعنى وان كان في اللفظ هو المستثنى ، كما ذكرنا في باب الاستثناء ؛
وإن كان بغير إلّا ، نحو : قامت اليوم امرأة ، فالالحاق أجود ، لأن المسند اليه في الحقيقة هو المرتفع في الظاهر ، وأمّا الحذف فانما اغتفر لطول الكلام ، ولكون الإتيان بالعلامة ، اذن ، وعدا بالشيء مع تأخير الموعود ؛
وإن كان الظاهر غير حقيقي التأنيث ، فان كان متصلا ، نحو : طلعت الشمس ، فالحاق العلامة أحسن من تركها ، والكل فصيح ؛
وإن كان منفصلا ، فترك العلامة أحسن ، اظهارا لفضل الحقيقي على غيره ، سواء كان بإلّا أو بغيرها ، نحو قوله تعالى : (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ)(٢).
__________________
(١) الآية ٣٨ في سورة مريم ،
(٢) الآية ٢٧٥ في سورة البقرة ،