كان ذلك التغيير كنوع من التكسير ، وكأن تأنيث الواحد قد زال لزوال علامته ، ثم حمل عليه ما التاء فيه مقدّرة فلا يظهر فيه التغيير كالزينبات والهندات ، لأن المقدر عندهم في حكم الظاهر ؛
والدليل على أن تأنيث نحو : الزينبات مجازي ، قول الحماسي :
٥٤٠ ـ حلفت بهدي مشعر بكراته |
|
تخبّ بصحراء الغبيط درادقه (١) |
وحكم البنين : حكم الأبناء ، وان كان بالواو والنون لعدم بقاء واحده ، وهو : ابن ؛ قال :
٥٤١ ـ لو كنت من مازن لم تستبح إبلى |
|
بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا (٢) |
وكذا حكم المجموع بالواو والنون المؤنث واحده ، كالسنون والأرضون : حكم المجموع بالألف والتاء ، لأن حقه الجمع بالألف والتاء كما يجيء ؛ فالواو والنون فيه ، عوض من الألف والتاء ؛
ويساوي التاء في اللزوم وعدمه : تاء مضارع الغائبة ، ونون التأنيث الحرفية في نحو :
__________________
(١) البيت لشاعر جاهلي يقال له عارق الطائي ، أورده أبو تمام ، وقول الشارح : الحماسي يعني من شعراء الحماسة ، وجواب القسم في بيت بعده ، وهو قوله :
لئن لم تغيّر بعض ما قد صنعتم |
|
لأنتحين للعظم ذو أنا عارقه |
وكثر في كلام الشعراء : الحلف بالكعبة وبالساعين إليها ؛ والهدى : ما يهدى إلى البيت الحرام من الإبل والنعم ، والمشعر بصيغة اسم المفعول ما أسيل دمه ليعرف أنه هدى فهو كالعلامة له ، وبكرات جمع بكرة وتحريك الكاف إتباع كما هو حكم جمع المؤنث السالم ، وهي الشابة من الإبل ، والغبيط اسم مكان في الصحراء بين مكة والبصرة ، والدرادق جمع دردق بوزن جعفر : جماعات الإبل الصغار.
والخطاب موجّه لعمرو بن هند ملك الحيرة : وكان قد عزم على قتل جماعة من طيء فيهم الشاعر ، واسمه قيس ولكنه لقب بعارق بسبب هذا الشعر ، ولذلك قصة طويلة أوردها البغدادي في الخزانة ؛
(٢) أحد أبيات مشهورة قالها قريط بن أنيف العنبري ، أولها :
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي |
|
بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا |
ومنها بعض شواهد في هذا الشرح وفي غيره من كتب النحو ؛