لم يجز الا التثنية عند الكوفيين ، وهو الحق ، كما يجيء ، تقول قلعت عينيهما إذا قلعت من كل واحد عينيه ؛
وأمّا قوله تعالى : (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)(١) فانه أراد أيمانهما ، بالخبر والاجماع (٢) ،
وفي قراءة ابن مسعود : «فاقطعوا أيمانهما» ؛ وانما اختير الجمع على الافراد لمناسبته للتثنية في أنه ضم مفرد الى شيء آخر ، ولذلك قال بعض الأصوليين : إن المثنى جمع ؛ ولم يفرق سيبويه بين أن يكون متحدا في كل واحد منهما ، نحو : قلوبكما ، أو لا يكون نحو : أيديكما ، استدلالا بقوله تعالى : (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) ،
والحق ، كما هو مذهب الكوفيين ، أن الجمع في مثله لا يجوز الا مع قرينة ظاهرة كما في الآية ، وقد جمع بين اللغتين من قال :
٥٥٨ ـ ظهراهما مثل ظهور الترسين (٣)
فان فرّق المتضمنان بالعطف ، اختير الافراد على التثنية والجمع ، نحو : نفس زيد وعمرو ، ليكون ظاهر المضاف موافقا لظاهر المضاف اليه ؛
وان لم يكن المضاف جزأي المضاف اليه ، بل كانا منفصلين ، فان لم يؤمن اللبس نحو : لقيت غلامي الزيدين ، فتثنية المضاف واجبة ، وإن أمن ، جاز جمعه قياسا ، وفاقا للفراء ويونس ، خلافا لغيرهما ، فانهم يجوّزونه سماعا ، نحو : ضع رحالهما ، وانما أمن اللبس لأنه لا يكون للبعيرين إلا رحلان ؛
والضمير الراجع إلى كل ما ذكرنا مما لفظه يخالف معناه ، يجوز فيه مراعاة اللفظ والمعنى ، نحو : نفوسكما أعجبتاني وأعجبتني ، وكذا الوصف والاشارة ، ونحو ذلك ؛
__________________
(١) من الآية ٣٨ في سورة المائدة
(٢) يعني بالخبر ، السنة ، وما جاء في ذلك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.
(٣) ضمير المثنى في : ظهراهما يعود إلى المهمهين اللذين يتحدث عنهما ، والترس من الآت الحرب ؛ والرجز لخطام المجاشعي وقبله : ومهمهين قذفين مرتين ، والمهمه القذف البعيد ، والمرت بسكون الراء : الذي لا ماء فيه ،