تلك الآحاد بأن أخذت حروف مفردها وغّيرت بتغيير ما ، بل آحادها ألفاظ من غير لفظها ، كبعير ، وشاة ؛
فان قيل : فنحو ركب في راكب ، وطلب في طالب ، وجامل وباقر في جمل وبقر ، داخل فيه ، إذا آحادها من لفظها كما رأيت ، أخذ «راكب» مثلا ، وغيرّت حروفه ، فصار : ركب ؛
قلت : ليس «راكب» بمفرد «ركب» وان اتفق اشتراكهما في الحروف الأصلية ، وإنما قلنا ذلك ، لأنها لو كانت جموعا لهذه الآحاد ، لم تكن جموع قلة ، لأن أوزانها محصورة ، كما يجيء ، بل جموع كثرة ، وجمع الكثرة لا يصغر على لفظه ، بل يردّ الى واحده كما يجيء في باب التصغير ؛ وهذه لا تردّ ، نحو : ركيب ، وجويمل ، وأيضا ، لو كانت جموعا لردّت في النسب الى آحادها ولم يقل : ركبيّ وجامليّ ، وأيضا ، لو كانت جموعا ، لم يجز عود الضمير الواحد اليها ، قال :
٥٦٣ ـ فان تك ذا شاء كثير فانهم |
|
لهم جامل ما يهدأ الليل سامره (١) |
وقال :
فعبّت غشاشا ثم مرت كأنها |
|
مع الصبح ركب من أحاظة مجفل (٢) ـ ٥٤٢ |
ويخرج ، أيضا ، اسم الجنس ، أي الذي يكون الفرق بينه وبين مفرده إمّا بالتاء نحو : تمرة وتمر ، أو بالياء نحو : روميّ وروم ؛ وذلك لأنها لا تدل على آحاد اذ اللفظ لم يوضع للآحاد بل وضع لما فيه الماهية المعيّنة ، سواء كان واحدا ، أو مثنى ، أو جمعا ؛ ولو سلّمنا الدلالة عليها ، فانه لا يدل عليها بتغيير حروف مفرده ؛
فان قيل : أليس آحاده أخذت وغيّرت حروفها بحذف التاء أو الياء؟ قلت : ليس
__________________
(١) للحطيئة في مدح بغيض بن شمّاس بن لأي ، والتعريض بالزبرقان بن بدر ، وهو ابن عمّ لشمّاس ، يقول فيها مخاطبا الزبرقان :
فدع آل شماس بن لأي فانهم |
|
مواليك ، أو كاثر بهم من تكاثره |
إلى أن قال :
فإن تك ذا شاء كثير ، فإنهم |
|
لهم جامل .. الخ |
والجامل اسم جمع للجمل أو هو الجمال ورعاتها والقائمون عليها ،
(٢) من قصيدة الشنفري المسماة بلامية العرب ، وتقدم ذكره في باب المذكر والمؤنث من هذا الجزء