كما كان حذف التاء في المجموع بالألف والتاء بعد لحاقهما لاجتماع التاءين فجميعها من باب جمع السلامة باعتبار الأصل ؛
قوله : «وجمع القلة أفعل .. إلى آخره» ، قالوا : مطلق الجمع على ضربين ، قلّة وكثرة ، والمراد بالقليل من الثلاثة إلى العشرة ، والحدّان داخلان ، وبالكثير : ما فوق العشرة ، قالوا : وجمع القلة من المكسّر أربعة : أفعل ، وأفعال ، وأفعلة ، وفعلة ، وزاد الفراء : فعلة ، كقولهم : هم أكلة رأس ، أي قليلون ، يكفيهم ويشبعهم رأس واحد ؛ وليس بشيء ، إذ القلّة مفهومة من قرينة شبعهم بأكل رأس واحد ، لا من إطلاق فعلة ؛
ونقل التبريزي (١) : أن منها أفعلاء ، كأصدقاء ؛
وجمعا السلامة عندهم منها ، أيضا ، استدلالا بمشابهتهما للتثنية في سلامة الواحد ؛ وليس بشيء ؛ إذ مشابهة شيء لشيء لفظا لا تقتضي مشابهته له معنى ، أيضا ؛ ولو ثبت ما نقل أنّ النابغة قال لحسان ، لما أنشده قوله :
٥٨٠ ـ لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى |
|
وأسيافنا يقطرن من نجدة دما : (٢) |
قلّلت (٣) جفانك وسيوفك ، لكان فيه دليل على أن المجموع بالألف والتاء جمع قلة ؛
وقال ابن خروف (٤) : جمعا السلامة مشتركان بين القلة والكثرة ؛
والظاهر أنهما لمطلق الجمع من غير نظر إلى القلة والكثرة فيصلحان لهما ؛
واستدلوا على اختصاص أمثلة التكسير الأربعة بالقلّة ، بغلبة استعمالها في تمييز الثلاثة
__________________
الشافية لابن الحاجب أيضا ، وكذلك الأمر في الحديث عن المصدر في الفصل الذي بعده ؛
(١) التبريزي : هو أبو زكريا : يحيى بن علي بن الخطيب وقول بعض الناس عنه : الخطيب ، منظور فيه إلى أن أحد أجداده اسمه الخطيب ، وهو من أشهر علماء اللغة وله آثار علمية كثيرة منها شرح ديوان الحماسة وشرح القصائد العشر وغير ذلك من شروح الدواوين الشعرية. توفي سنة ٥٠٢ ه
(٢) قصة هذا الشعر الذي قاله حسان أمام النابغة في سوق عكاظ مشهورة ، وبعضهم يطعن في حدوثها ، وممن قال بأن الجمع بالألف والتاء للقلة سيبويه في ٢ / ١٨١ قال انه لأدنى العدد. وقال إن بيت حسان من وضع القلة موضع الكثرة : والحديث في هذا طويل ؛
(٣) هذا ما قاله النابغة في القصة التي تقدمت الاشارة إليها ؛
(٤) تقدم ذكره ،