مكلّ ، فموهنا مفعوله على المجاز ، كما يقال : أتعبت يومك ، ففعيل ، إذن ، مبالغة مفعل ؛
قلت : لا استدلال بالمحتمل ، ولا سيما إذا كان بعيدا ، واستدل سيبويه على عمل فعل ، بقوله :
٥٩٠ ـ حذر أمورا ما تخاف ، وآمن |
|
ما ليس منجيه من الأقدار (١) |
ومنعه غيره ، وقال إن البيت مصنوع يروى عن اللاحقي (٢) أن سيبويه سألني عن شاهد في تعدّي «فعل» فعملت له هذا البيت ؛
أمّا إذا لم يكن فعيل وفعل مما حوّل إليه اسم الفاعل ، كظريف وكريم ، وطبن (٣) وفطن ، فلا خلاف في أنهما لا ينصبان ، إذ كلامنا في أبنية المبالغة ، لا في الصفات المشبهة ؛
وقد جاء فعيل مبالغة مفعل، كقوله تعالى: (عذاب أليم) (٤) ، على رأي ، وقوله:
٥٩١ ـ أمن ريحانة الداعي السميع |
|
يؤرّقني وأصحابي هجوع (٥) |
وأمّا الفعيل بمعنى المفاعل ، كالجليس والحليف ، فليس للمبالغة ، فلا يعمل اتفاقا ،
وعند الكوفيين ، لا يعمل شيء من أبنية المبالغة ، لفوات الصيغة التي بها شابه اسم الفاعل الفعل ، وإن جاء بعدها منصوب ، فهو ، عندهم ، بفعل مقدّر ؛
وقال البصريون : إنما تعمل مع فوات الشبه اللفظي ، لجبر المبالغة في المعنى ، ذلك (٦) النقصان ، وأيضا ، فإنها فروع لاسم الفاعل المشابه للفعل ، فلا تقصر عن الصفة المشبهة
__________________
(١) هذا مما عدّه النقاد عيبا في كتاب سيبويه ، وعذر سيبويه أنه أخذه واثقا من صاحبه الذي صنع له البيت ،
(٢) المراد : ابان بن عبد الحميد اللاحقي أحد رواة الشعر في عهد سيبويه ، والبيت في سيبويه ج ١ ص ٥٨.
(٣) هو بمعنى الفطنة والذكاء ؛
(٤) وردت كثيرا في القرآن ، وهذا الجزء من الآية ١٠ في سورة البقرة ؛
(٥) مطلع قصيدة لعمرو بن معديكرب الزبيدي ؛
(٦) مفعول جبر ؛