الصفة ما قام به الحدث المشتق هو منه ، فهو بمعنى ذو ، مضافا إلى مصدره ، فحسن بمعنى : ذو حسن ، كما أن اسم الفاعل ، ومنه ، [ما حوّل عنها](١) أعني حاسنا ، كذلك : محل للحدث المشتق هو منه ، فضارب بمعنى ذو ضرب ، لا فرق بينهما إلا من حيث الحدوث في أحدهما وضعا ، والإطلاق في الآخر كما ذكرنا ؛ وقيل عملت لمشابهتها اسم الفاعل بكونها تثنى وتجمع وتؤنث ، كما أن اسم الفاعل صفة تثنى وتجمع وتؤنث ؛ ومن ثمّ لم يعمل أفعل التفضيل ، لأن أصل استعماله أن يكون معه «من» وما دام معه «من» لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث ، ولم يقصدوا أن تثنيتها وجمعها وتأنيثها كتثنية اسم الفاعل وجمعه وتأنيثه ، سواء ، لأنه لا يطرد ذلك في الألوان والعيوب ، لأنك لا تقول : أبيضون ، وأبيضة ، كما تقول ضاربون وضاربة ، مع عمل أفعل فعلاء عمل سائر الصفات المشبهة ؛
فإن قيل : المشابهة التي ذكرتها أنت ، حاصلة في أفعل التفضيل ، لأنه يشابه اسم الفاعل المبني من باب المغالبة ، نحو : طاولته فطلته فأنا طائل ، أي ذو طول ، أي ذو غلبة عليه ، بالطول ، فأطول منك ، بمعنى طائل المبني من باب المغالبة إلا في معنى الحدوث ، كما ذكرت في سائر الصفات المشبهة ؛
قلت : أوّل ما يقال : ان باب المغالبة ليس بقياس مطرد من جميع الثلاثي الذي يبنى منه أفعل التفضيل ، ثم إن الذي ورد منه ، ليس بمعنى أفعل التفضيل إذ لو كان (٢) ، لوجب جواز تعدي الأفعل ، إلى المفعول بنفسه أو باللام كاسم الفاعل من باب المغالبة ، لأن جميعه متعدّ ، فكان ينبغي أن يجوز : أنا أطول القوم ، أو : أطول للقوم ، كما تقول : أنا طائل القوم ، وأنا طائل للقوم ، نحو : أنا ضارب زيدا ، وأنا ضارب لزيد ؛ ولا يتعدّى أفعل التفضيل إلى مفعوله المغلوب إلّا بمن الابتدائية ، بخلاف اسم الفاعل من باب المغالبة ، فعلمنا أنه ليس بمعناه ، وإن لزم منه معنى الغلبة على مفعوله كما في باب المغالبة ، فليس معنى أطول من القوم : ذو طول أو ذو غلبة ، بالطول ، بل معناه : آخذ في الزيادة في
__________________
(١) هذه زيادة لا بد منها لاستقامة المعنى ؛
(٢) أي إذ لو كان بمعنى التفضيل ..