ولا يجتمع منها اثنان إلا نادرا ؛ وإنما لم يخل عن الجميع لأن وضعه الأهمّ لتفضيل الشيء على غيره ، ومع «من» والإضافة : ذكر المفضّل عليه ظاهرا ، ومع اللام هو في حكم المذكور ظاهرا ، لأنه يشار باللام إلى معيّن مذكور قبل ، لفظا أو حكما ، كما ذكرنا في اللام العهدية في بابها ، فتكون اللام إشارة إلى أفعل ، المذكور معه المفضل عليه ، كما إذا طلب شخص هو أفضل من زيد ، فقلت : عمرو الأفضل ، أي ذلك الأفضل أي الشخص الذي قلنا انه أفضل من زيد ؛ فعلى هذا لا يجوز أن تكون اللام في أفعل التفضيل في موضع من المواضع إلا للعهد ، لئلا يعرى عن ذكر المفضل عليه رأسا ، فلو خلا عن الثلاثة ، خلا عن ذكر المفضل عليه فلا يتم فهم المقصود الأهمّ من وضعه ؛ وإذا علم المفضول جاز حذفه غالبا ، إن كان «أفعل» خبرا ، كما يقال لك : أنت أسنّ أم أنا ، فتجيب بقولك : أنا أسنّ ؛ ومنه قولنا : الله أكبر ، وقوله :
٦٠٠ ـ إن الذي سمك السماء بنى لنا |
|
بيتا دعائمه أعز وأطول (١) |
وقوله :
٦٠١ ـ ستعلم أيّنا للموت أدنى |
|
إذا أدنيت لي الأسل الحرارا (٢) |
ويجوز أن يقال في مثل هذه المواضع : ان المحذوف هو المضاف إليه ، أي أكبر كل شيء ، وأعزّ دعامة ، ولم يعوّض منه التنوين لكون «أفعل» غير منصرف ، فاستبشع ذلك ، وأمّا نحو جوار فقد ذكرنا قصدهم بتعويض التنوين فيه ،
ويجوز أن يقال : ان «من» مع مجروره محذوف ؛ أي أكبر من كل شيء ؛
ويقلّ الحذف في غير الخبر ، نحو : جاءني رجل أفضل في جواب من قال : ما
__________________
(١) هو للفرزدق : أول قصيدة في هجاء جرير ، ومع روعة هذا المطلع ، امتلأت القصيدة بأفحش الألفاظ وأقبح الشتائم ؛
(٢) من شعر عنترة العبسي في مخاطبته لعمارة العبسي ويتصل به البيت المتقدم في باب الحال ، وفي باب الصفة المشبهة وهو قوله :
متى ما تلقني فردين ترجف |
|
روانف أليتيك وتستطارا |