(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) هذا ان حمل التخييل على مذهب السكاكى رحمه الله تعالى من ان المستعار له فى التخييل صورة وهمية وهو يزعم انه مذهب الاصحاب وان حمل على ما هو مذهب الاصحاب فى التحقيق وهو ان التخييل جعل الشئ للشئ كجعل اليد للشمال فمعناه انه جعل اللباس للجوع والخوف ثم اثبت للقرية ليفيد صيرورتها نفس الجوع والخوف وليس فى هذا تشبيه الجوع والخوف بشئ ضار مجد فى الضرر كما لا يخفى ولا يحتاج فى هذا التخييل الى تصرف زائد مع افادته المقصود على وجه ابلغ ثم كان الظاهر فكساها الله تعالى لباس الجوع والخوف لكنه استعير الاذاقة للاصابة لما فيه من الاشعار بشدة الاتصال ما ليس فى الكسوة لان الادراك بالذوق يستلزم الادراك باللمس ففى الاية استعارتان تحقيقية تبعية وهى استعارة الاذاقة للاصابة واستعارة تحتمل التخييلية والتحقيقية وهى استعارة اللباس فان اعتبر تشبيه الجوع والخوف بذى لباس استعارة مكنية كانت ثلث استعارات (قوله ليس المشبة الخ) لا عند صاحب الكشاف ولا فى الواقع (قوله فتوهم كونه تشبيها الخ) اما سند صاحب الكشاف فلان عبارته صريحة فى كونه استعارة واما فى الواقع فلان تشبيه الجوع والخوف باللباس من حيث الاشتمال غير صحيح الاعتبار الآثار فليشبه آثارهما به لا نفسهما* قال قدس سره فان الجوع الخ* قد عرفت انه على تقدير الحمل على التخييل لا تشبيه للجوع بشخص ضار وتوهم هذا التشبيه ناش من نسبة الا ذاقة اليه باعتبار انه كثيرا ما يستعمل فى المضار لكن قد عرفت انه استعارة عن الاتصال بشدة وهو مناسب للجوع والخوف فهو كالتجريد بالنسبة الى اللباس كذا فى الكشاف* قال قدس سره والاقرب* اى الى الفهم لكن قد عرفت ما فيه* قال قدس سره ثم الحمل الخ* اى على الاستعارة التحقيقية العقلية اكثر مناسبة (قوله او اسد فى الامثلة المذكورة الخ) وما قيل ان اخراج اسد فى الامثلة المذكورة بناء على ما تقرر عندهم ان المراد به اندراج زيد تحت مفهوم الاسد ليتوسل به الى المبالغة فى التشبيه فان تم تم والا فلا وحينئذ لا يتجه نظر الشارح رحمه الله تعالى بقوله لانا لا نسلم ان اسدا فى زيد اسد مستعمل فيما وضع له ليس بشئ لان نزاعهم فى ان صور حمل المشبه به على المشبه وصور التجريد هل هى تشبيه او استعارة لا فى انه اذا قصد منها المبالغة فى التشبيه هل هى استعارة اولا (قوله فى معنى الشجاع) اى فى ذات ما سوى الاسد يصدق عليه مفهوم الشجاع اذ لو استعمل فى مفهوم الشجاع لم يكن استعارة اذ لا معنى لتشبيه مفهومه بالاسد بل مجازا مرسلا (قوله