حذفت ضمير الشأن بعد «إنّ» ، على قبح فيه ، كما يأتي في باب الحروف المشبهة بالفعل ، كقوله :
إنّ من لام في بني بنت حسّا |
|
ن ألمه وأعصه في الخطوب (١) ـ ٣٩٥ |
وذلك لأن كلم الشرط لم تل ، إذن : تلك النواسخ في الحقيقة ؛
وكذا ، جاز كون المعمول الثاني لهذه النواسخ جملة مصدّرة بكلم الشرط ، نحو : كان زيد من يضربه أضربه ، ولو قدّمت ههنا الجزء الثاني على الأول فقلت : كان من يضربه أضربه زيد ، لم يجز ، لأنه ولي أداة الشرط : المؤثر في الجملة (٢) ؛ وأمّا قولك : علمت أيّهم زيد ، وعلمت أزيد في الدار أم عمرو ، فقد ذكرنا الاعتذار عنه في باب المبتدأ (٣) ؛
واعلم أن الجزاء يحذف عند قيام القرينة ، يقال : إن أتيتني أكرمك ، فتقول : وأنا إن أتيتني ، وكذا في «لو» ، قال الله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ)(٤) .. الآية ؛
وإذا حذف جواب أداة الشرط الجازمة ، فالواجب في الاختيار ألّا ينجزم الشرط ، بل يكون ماضيا لفظا أو معنى ، نحو : إن لم أفعل ، لئلّا (٥) تعمل الأداة في الشرط ، كما لم تعمل في الجزاء ؛
قوله : «فإن كانا مضارعين ، أو الأول» ، يعني أو كان الأول مضارعا والثاني غير مضارع ، نحو : إن تزرني زرتك ، أو : فأنت مكرم ، فإن كانا مضارعين فهما مجزومان لا غير ، وأمّا قوله :
إنك إن يصرع أخوك تصرع (٦) ـ ٥٦٦
__________________
(١) تقدم في باب الضمائر ـ في الجزء الثاني. من هذا الشرح وهو للأعشى ، ومن شواهد سيبويه ج ١ ص ٤٣٩ ؛
(٢) يعني أن الأداة وقعت بعد المؤثر ؛
(٣) في الجزء الأول من هذا الشرح ؛
(٤) الآية ٣١ في سورة الرعد ؛
(٥) يريد حتى لا تعمل الأداة في الشرط كما أنها لم تعمل في الجزاء لعدم وجوده ؛
(٦) تكرر ذكره. وقد تقدم قبل قليل ؛