فجاز وقوعه طلبية وإنشائية ، نحو : إن لقيت زيدا فأكرمه ، وإن دخلت الدار فأنت حرّ ، ولبعده عن كلمة الشرط جاز وقوعه اسمية وفعلية ، مصدّرا بأي حرف كان ، فنقول :
إن كان الجزاء مما يصلح أن يقع شرطا ، فلا حاجة إلى رابطة بينه وبين الشرط لأن بينهما مناسبة لفظية من حيث صلاحية وقوعه موقعه ، وإن لم يصلح له فلا بدّ من رابط بينهما ، وأولى الأشياء به (١) : الفاء. لمناسبته للجزاء معنى ، لأن معناه : التعقيب بلا فصل ، والجزاء متعقب للشرط كذلك ، هذا إلى خفتها لفظا ؛ وأمّا «إذا» (٢) فاستعمالها قبل الاسمية أقلّ من الفاء لثقل لفظها ، وكون معناها من الجزاء أبعد من معنى الفاء ، وذلك لتأويله بأنّ وجود الشرط مفاجئ لوجود الجزاء ومتهجّم عليه ؛
فثبت بهذا ، أن الجزاء ، إن كان جملة طلبية كالأمر والنهي والاستفهام والتمني والعرض والتحضيض والدعاء والنداء ، يجب مقارنتها لعلامة الجزاء ؛ وكذا إن كانت إنشائية ، كنعم وبئس ، وكل ما تضمّن معنى إنشاء المدح والذم ، وكذا : عسى ، وفعل التعجب ، والقسم ، وكذا إن كانت جملة اسمية ، سواء تصدّرت بالحرف (٣) نحو قوله تعالى : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ)(٤) ، و : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ)(٥) ، أو ، لا نحو : إن جئتني فأنت مكرم ،
وأمّا قوله تعالى : (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)(٦) ، فلتقدير القسم ، كما يجيء في بابه ؛ ويجوز أن يكون قوله تعالى : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ، ما كانَ حُجَّتَهُمْ ...)(٧) ، مثله ، أي بتقدير القسم ، ويجوز أن تكون «إذا» لمجرّد الوقت ، من دون ملاحظة الشرط ،
__________________
(١) أي بأن يكون رابطا ؛
(٢) المراد «إذا» الفجائية التي تدخل في جواب الشرط في بعض الحالات بدلا من الفاء ؛
(٣) أي بحرف مما تصدر به الجمل الاسمية غير الفاء ؛
(٤) الآية ١٨٦ سورة الأعراف ؛
(٥) الآية ١١٨ سورة المائدة ؛
(٦) الآية ١٢١ سورة الأنعام ؛
(٧) الآية ٢٥ سورة الجاثية ؛