نعلقا بكلمة الشرط معنويا وذلك بانقلابهما إلى المستقبل بكلمة الشرط ، فلم يحتاجا ، إذن ، إلى العلامة ،
بقي المضارع المجرّد ، والمصدّر بلا ، فنقول : يجوز فيهما الفاء وتركه ، أمّا الفاء ، فلأنهما كانا قبل أداة الشرط صالحين للاستقبال ، فلا تؤثر الأداة فيهما تأثيرا ظاهرا ، كما أثرت في : فعلت ، ولم أفعل ؛ وأمّا تركه ، للتقدير تأثيرها فيهما ، لأنهما كانا صالحين للحال والاستقبال ، على ما تقدم في المضارع (١) : أن «لا» صالحة لهما على الصحيح ، فالأداة خلصتهما للاستقبال ، وهو نوع تأثير ، قال الله تعالى : (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ)(٢) ، وقال : «فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً» ؛ (٣)
وقال ابن جعفر (٤) : يجوز دخول الفاء وتركه في «لم» ؛ ولم يثبت ؛ وقال الله تعالى في المثبت : (وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ)(٥) ، وقال (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ)(٦) ، ومذهب سيبويه : تقدير المبتدأ في الأخير (٧) ، وقال المبرد : لا حاجة إليه ، قال ابن جعفر : مذهب سيبويه أقيس ، إذ المضارع صالح للجزاء بنفسه ، فلولا أنه خبر مبتدأ ، لم تدخل عليه الفاء ؛
وعلى ما ذكرنا من تعليل دخول الفاء في مثبت المضارع (٨) ، يسقط هذا التوجيه للأقيسيّة ،
__________________
(١) في أول بحث الفعل المضارع في هذا الجزء ؛
(٢) الآية ١٤ سورة فاطر ؛
(٣) الآية ١٣ سورة الجنّ ؛
(٤) ابن جعفر. الأرجح أن المراد به : محمد بن جعفر بن أحمد الأنصاري المرسي البلنسي من علماء المغرب توفي سنة ٥٨٧ ه. وتقدم له ذكر ؛
(٥) الآية ٦٦ من سورة الأنفال ؛
(٦) الآية ٩٥ سورة المائدة ؛
(٧) يقصد المثال الأخير المقرون بالفاء ؛
(٨) أي المضارع المثبت ؛