وإن ثبت نحو قولك : إن غبت فيموت زيد ، لم يكن لمذهب سيبويه وجه ، إذ لا يمكن في مثله تقدير مبتدأ ، إلا ضمير الشأن ، ولا يجوز (١) إلا بعد «أن» المخففة قياسا ، وبعد «إنّ» وأخواتها للضرورة ؛
وإذا كان جواب الشرط مصدّرا بهمزة الاستفهام ، سواء كانت الجملة فعلية أو اسمية لم تدخل الفاء ، لأن الهمزة من بين جميع ما يغيّر معنى الكلام ، يجوز دخولها ، كما تقدم ، على أداة الشرط ، فيقدّر تقديم الهمزة على أداة الشرط نحو قولك : إن أكرمتك أتكرمني ، كأنك قلت : أئن أكرمتك تكرمني ؛ قال علي رضي الله عنه في نهج البلاغة (٢) : وإن فعل الله ذلك لكم أتؤمنون» ، وقال الله تعالى : (أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ، أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى)(٣) ؛ ويجوز حمل «هل» وغيرها من أدوات الاستفهام على الهمزة ، لأنها أصلها ، قال الله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ)(٤) ، وقال تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ ، مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ)(٥) ، ويجوز دخول الفاء فيها لعدم عراقتها في الاستفهام ، قال الله تعالى : «قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً ، فَمَنْ يَنْصُرُنِي (٦) ..» ، وتقول : إن أكرمتك فهل تكرمني؟
__________________
(١) أي تقدير ضمير الشأن ؛
(٢) هو في نهج البلاغة ، ولكنه حكاية لكلام النبي صلّى الله عليه وسلّم مع الكفار حيث يقول سيدنا علي رضي الله عنه ، بعد أن حكى ما حدث مع ملأ من قريش ، طلبوا من النبي أن يدعو لهم هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها وتقف بين يديه ، فقال لهم صلّى الله عليه وسلّم : إن الله على كل شيء قدير ، فإن فعل الله لكم ذلك أتؤمنون وتشهدون بالحق ، إلى آخر ما جاء في كلام علي رضي الله عنه ، وانظر نهج البلاغة ص ٢٤٠ طبع مطابع الشعب بالقاهرة ؛
(٣) الآيتان ١٣ ، ١٤ سورة العلق ؛
(٤) الآية ٤٧ سورة الأنعام.
(٥) الآية ٤٦ سورة الأنعام.
(٦) الآية ٦٣ سورة هود ؛