والمصنف قال (١) ، وقد أحسن ، مع أن على بعض ما ذكره كلاما : إنما تدخل (٢) الفاء ، إذا لم تؤثر الأداة من حيث المعنى في الجزاء معنى ، ويعني بالتأثير تخليصه للاستقبال إن كان مضارعا ، وقلبه إليه إن كان ماضيا ، فتدخل على المضارع المصدّر بالسين وسوف ولن ، لتمحضه للاستقبال بدون أداة الشرط ، وكذا في الإنشائية لتجردها عن الزمان ، وفي الطلبيّة لتمحضها للاستقبال ، وتدخل على الماضي الباقي على معناه ، وذلك إذا كان مصدرا بقد ، ظاهرة أو مقدرة ، لأنه ، إذن ، يتمحض للماضي ، وذلك لأن «قد» لتحقيق مضمون ما دخلت عليه ، ماضيا كان أو مضارعا ، وما تأكد ورسخ لم ينقلب ولم ينقلع ، على أنه قد جاء قوله تعالى : (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى)(٣) ، وهو بمعنى الاستقبال ؛ قال : وإنما دخلت على المضارع المجرد لكونه في تقدير الاسمية على ما ذكرنا من مذهب سيبويه ؛
وأمّا المصدّر بلا النافية ، فقال (٤) : إن «لا» وإن كانت للاستقبال ، قد تجردت للنفي نحو : جئت بلا مال ، فتكون الأداة قد أثرت في الفعل المصدّر بها تخصيصا بالاستقبال ، وإن لم تجرد للنفي أفادت الاستقبال من دون أداة الشرط فتجب الفاء ؛
وكان على قياس ما قال ، جواز عدم دخولها في الاسمية نحو : إن جئتني أنت مكرم ، لأن الأداة خصّصت مضمون الاسمية بالاستقبال ؛
ثم اعلم أن «إن» يكون شرطها في الأغلب مستقبل المعنى ، فإن أردت معنى الماضي ، جعلت الشرط لفظ «كان» ، كقوله تعالى : (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ ..)(٥) و : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ ..)(٦) ، وإنما اختص ذلك بكان ، لأن الفائدة التي تستفاد منها في الكلام الذي هي فيه : الزمن
__________________
(١) ربما كان قوله هذا في شرحه على الكافية أو شرحه على المفصل ؛
(٢) هذا ما قاله المصنف.
(٣) الآية ٨١ سورة طه ؛
(٤) أي المصنف. وهذا الجزء من كلامه هو الذي قال عنه الرضي : مع أن على بعض ما ذكره كلاما ؛
(٥) من الآية ١١٦ سورة المائدة. وتقدمت ؛
(٦) إشارة إلى الآية ٢٦ من سورة يوسف.