تضمن معنى الشرط ، إذا ذكر بعده ما يصلح للجزاء من الخبر ، وذلك لأن كل كلام لا بدّ فيه من حامل للمتكلم به عليه وحامله على الكلام الخبري : إفادة المخاطب بمضمونه ،؟؟؟ ضرب زيد ، أو : ما ضرب زيد ، إذا قصدت إفهام المخاطب ضرب زيد أو عدم؟؟؟ أمّا الحامل على الكلام الطلبي ، فكون المطلوب مقصودا للمتكلم إمّا لذاته ، أو لغيره ، ومعنى كونه مقصودا لغيره : أنه يتوقف ذلك الغير (١) على حصوله ، وهذا هو معنى الشرط ، أعني توقف غيره عليه ، فإذا ذكرت الطلب ولم تذكر بعده ما يصح توقفه على المطلوب ، جوّز المخاطب كون ذلك المطلوب مقصودا لنفسه ، ولغيره ، وإن ذكرت بعده ذلك ، غلب على ظنه كون المطلوب مقصودا لذلك المذكور بعده ، لا لنفسه ، فيكون ، إذن ، معنى الشرط في الطلب مع ذكر ذلك الشيء ظاهرا ؛
وأمّا الخبر ، فإنه إذا ورد ، حمله المخاطب على أنه إنما تكلم به المتكلم لإفادة المخاطب مضمونه ، لا على أن مضمونه مقصود لنفسه أو لغيره ، إذ قد يخبر بشيء مع أن ذلك الشيء غير مقصود للمخبر ، كقولك : يضرب زيد ، مع كراهيتك لضربه ، فلو جئت ، أيضا ، بعد الخبر ، بما يصلح أن يكون جزاء لمضمونه ، لم يتبادر فهم المخاطب إلى أنه جزاؤه ، إذ ذلك في الطلب إنما كان لتبادر فهمه إلى أن الطلب مقصود إمّا لذاته أو لغيره ، ومع ذكر الغير فالأولى أن يكون له ؛
فلمّا تقرر أنّ في الطلب مع ذكر ما يصلح جزاء له معنى الشرط ، جاز لك أن تحذف فاء السببية وتجزم به (٢) الجزاء كما تجزم بإن ؛ وانجزام (٣) الجزاء بهذه الأشياء ، لا بإن مقدرة ، ظاهر مذهب الخليل (٤) ، لأنه قال : ان هذه الأوائل كلها فيها معنى «ان» فلذلك انجزم الجواب ؛
__________________
(١) أشرنا كثيرا إلى أن دخول حرف التعريف على كلمة «غير» لا يقره كثير من النحاة ؛ وبعض الباحثين يلتمس له وجها ؛
(٢) أي بالطلب وهو أحد الأقوال في جزم الفعل الواقع في جواب الطلب ؛
(٣) قوله وانجزام الجزاء بهذه الأشياء لا بإن مقدرة يفسر ما قاله في التعليق السابق ؛
(٤) نقله عنه سيبويه في ج ١ ص ٤٤٩ ؛