مرّ في باب التنازع (١) ، وعلى مذهب الأخفش ، وهو ما حكى عنه أبو علي في كتاب الشعر (٢) ، قال : جوّز أبو الحسن (٣) حذف الفاعل خلافا لسيبويه مستشهدا بمثل قوله تعالى : «أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ (٤) ...» فليس ما ذكره المصنف بحدّ تامّ ، إلّا أن يقال (٥) : هو ما غيّر عن صيغته لأجل حذف فاعله ؛
قوله : «فإن كان ماضيا ضمّ أوله وكسر ما قبل آخره» ، هذا عامّ في كل ماض ، سواء كان ثلاثيا مجردا كضرب ، أو مزيدا فيه ، كأكرم واستخرج ، أو رباعيا مجردا ، كدحرج ، أو مزيدا فيه ، كتدحرج ؛
وإنما غيّرت صيغة الفعل بعد حذف الفاعل ، إذ لو لم تغيّر ، لالتبس المفعول المرفوع لقيامه مقام الفاعل ، بالفاعل ؛ وإنما اختير للمبنى للمفعول هذا الوزن الثقيل ، دون المبنى للفاعل ، لكونه أقل استعمالا منه ؛
وإنما غيّر الثلاثي إلى وزن فعل ، دون سائر الأوزان ، لكون معناه غريبا في الأفعال ، إذ الفعل من ضرورة معناه : ما يقوم به ، (٦) فلما حذف منه ذاك ، خيف أن يلحق في أول وهلة النظر بقسم الأسماء ، فجعل على وزن لا يكون في الأسماء ، ولو كسر الأول وضمّ الثاني ، لحصل هذا الغرض ، الّا أن الخروج من الكسرة إلى الضمة أثقل من العكس ، لأن الأول طلب ثقل بعد خفة بخلاف الثاني ، ثم حمل غير الثلاثي عليه في ضم الأول وكسر ما قبل الآخر ؛
__________________
(١) في الجزء الأول من هذا الشرح ؛
(٢) كتاب أبي علي الفارسي ، الذي تكررت الإشارة إليه ؛
(٣) أي الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة.
(٤) من الآية ٣٨ في سورة مريم ؛
(٥) أي في تعريف الفعل المبني للمجهول ؛
(٦) وهو الفاعل ؛