ويجوز أن يجتمع على فعل واحد ، عدّة من حروف الجر ، إذا كانت مختلفة ، نحو : خرجت من الكوفة إلى البصرة لاكرامك (١) ، وأما إذا اتفقت ، فقد ذكرنا حكمها في آخر أفعل التفضيل (٢) ،
قوله : «وإلى اثنين كأعطى ، وعلم» ، يعني أن المتعدي إلى اثنين ، على ضربين :
إمّا أن لا يكون مفعولاه في الأصل مبتدأ وخبرا : كأعطيت زيدا درهما ، ولا حصر لهذا النوع من الأفعال (٣) ؛
وإمّا أن يكونا في الأصل مبتدأ وخبرا ، كعلمت زيدا قائما ؛ وعند الكوفيين : ثاني مفعولي باب علمت : حال ، وكذا قالوا في خبر كان ،
وليس بشيء ، إذ الحال يجوز حذفه ، وأيضا ، لا يكون الحال علما ، ولا ضميرا ، ولا اسم إشارة ولا غير ذلك من سائر المعارف ، ويجوز ذلك في هذين المنصوبين ؛
قوله : «وإلى ثلاثة كأعلم وأرى» ، تدخل الهمزة على فعلين من جملة الأفعال المتعدية إلى اثنين ، فيزيد ، بسبب الهمزة ، مفعول آخر ، موضعه الطبيعي قبل المفعولين ، لأن معنى همزة التعدية : حمل الشيء على أصل الفعل ، فمعنى أعلمتك زيدا منطلقا : حملتك على أن تعلم زيدا منطلقا ، فلا بدّ أن تذكر أوّلا المحمول ، ثم تذكر متعلق أصل الفعل وهو المحمول عليه ، لأن المحمول عليه معنى قائم بذلك المحمول ، والعادة جارية بأن تذكر الذات أوّلا ، ثم اللفظ الدال على المعنى القائم بها ، كما في المبتدأ والخبر ، والحال
__________________
(١) جاء بهامش المطبوعة التركية في هذا الموضع إشارة إلى زيادة في بعض النسخ تضمنت الاستشهاد على هذا المعنى ، وهو اجتماع أكثر من حرف جر متعلقة بفعل واحد ، بقول المتنبي :
خرجت إلى أقطاعه في ثيابه |
|
على طرفه من بيته بحسامه |
وتكرر من الرضي إيراد شعر المتنبي اما استشهاد أو تمثيلا ؛
(٢) في آخر الجزء الثالث من هذا الشرح ؛
(٣) يطلق النحاة على هذا النوع أنه من باب أعطى ؛