الفعل ، أيضا ، إذ لا يرتفع اسم بفعلين ، إذ لا أثر واحد ، عن مؤثرين مستقلين ؛ وإن كان مع المسند إليه لم يعمل إلا النصب ، فيجب أن ينصب كلا جزأي الفعلية ، لتعلق معناه بمضمونهما ، ولا ينتصب الفعل إلا بالحرف ، والمسند إليه يستحيل انتصابه ، فلا يتبيّن فيهما أثر الفعل الداخل ، بلى ، إذا كان فعل معلّق عن النصب ، جاز دخوله على الفعلية ، لأنه لا يعمل ، إذن ، في الظاهر ، كقولك : علمت بمن تمرّ ، وعلمت أيّ يوم سرت ، وأيّهم رأيت ، بنصب «أيّ» ، على أنه معمول الفعل المؤخر ؛
ثم نقول : الذي يطلبه الفعل من الاسمية المدخول عليها ، إمّا فاعل ، أو مفعول ، فإن اقتضى فاعلا ، وذلك في باب كان ، رفعنا المبتدأ ، تشبيها له بالفاعل ، ونصبنا الخبر تشبيها له بالمفعول ، ولم يجز رفعهما لأن الفعل لا يرفع فاعلين ، فلا يرفع شبيهين بالفاعل ؛ ولا نصبهما ، إذ يبقى الفعل بلا مرفوع ، ولا يجوز (١) ؛ ولا نصب الأول ورفع الثاني ، لأن طلب الفعل للمرفوع قبل طلبه للمنصوب ؛ والفاعل ، في الحقيقة ، في مثل هذا : مصدر الخبر مضافا إلى المبتدأ ، ففي ، كان زيد قائما : فاعل «كان» : قيام زيد ، لأنه هو الحادث الكائن في الحقيقة ، وكذا في : صار زيد قائما ، الصائر هو قيام زيد ، وكذا في جميع أخوات «كان» ، لأن كلها بمعنى «كان» ، مع قيد آخر ، فمعنى «صار» : كان بعد أن لم يكن ، ومعنى : ما زال ، وأخواتها : كان دائما ، ومعنى أصبح وأخواتها : كان في الصبح ، والمساء ، والضحى ، ونحو ذلك ، ومعنى «ليس» : ما كان ؛
وأمّا أفعال المقاربة ، فليست من هذه ، أي من الأفعال الداخلة في الأصل على الجملة ، بل المرفوع بها فاعلها في الحقيقة ، وأخبارها مفعولة ، كما يجيء في بابها (٢) ؛
وإن اقتضى مفعولا ، نصبنا جزأي الجملة ، لأن ثانيهما متضمن المفعول الحقيقي ، وأولهما ما يضاف إليه ذلك المفعول الحقيقي ، إذ معنى ، علمت زيدا قائما : علمت قيام
__________________
(١) أي لا يجوز بقاء الفعل بلا مرفوع ؛
(٢) في هذا الجزء بعد الانتهاء من الأفعال الناسخة ؛