ويستعمل «درى» بمعنى علم ، وتعلّم ، أمرا بمعنى «اعلم» ، لكن لا ينصبان المفعولين ، بل ترد الاسمية بعدهما مصدّرة بأنّ ، نحو : دريت أنك قائم ، و :
٦٩٤ ـ تعلّم أن بعد الغيّ رشدا |
|
وأنّ لتالك الغير انقشاعا (١) |
ولا يتصرّف في «تعلم» بمعنى : اعلم ، فإذا قيل لك : تعلّم أن الأمر كذا ، فلا تقول : تعلمت ، بل : علمت ؛
وإن كان «درى» بمعنى «ختل» ، وتعلّم ، من : تعلّمت الشيء ، أي تكلفت علمه ، فليسا من هذا الباب ، فعلم (٢) ، ينصب الجزأين إذا لم يصدّرا بأنّ ،
وإمّا للظن في الظاهر ، مع احتماله في بعض المواضع لليقين ، وهو «ظنّ» لا بمعنى : اتّهم ، قال تعالى في الظن بمعنى اليقين : (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ)(٣) ، وقد يجيء «ظن» بمعنى : اتّهم ، فينصب مفعولا واحدا ، ومعنى الاتهام : أن تجعل شخصا موضع الظن السيّئ ، تقول : ظننت زيدا ، أي : ظننت به أنه فعل سيّئا ، وكذا : اتهمته ؛
وإمّا للاعتقاد الجازم في شيء أنه على صفة معيّنة ، سواء كان مطابقا ، أو ، لا ، وهو «رأى» ، فإذا كان بالمعنى المذكور ، ووليته الاسمية المجرّدة عن «أنّ» ، نصب جزأيها ، نحو : رأيت زيدا غنيا ، سواء كان في نفس الأمر غنيا ، أو ، لا ، قال تعالى : (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً)(٤) ، وهو غير مطابق ، (وَنَراهُ قَرِيباً)(٥) ، وهو مطابق ؛
__________________
(١) هذا البيت من قصيدة للقطامي ، وتقدم منها بعض الشواهد ، وقوله في الشطر الثاني لتالك لغة في تلك التي هي اسم إشارة ، وتقدم ذكر هذه اللغة في أسماء الإشارة في آخر الجزء الثالث ، ويروى : وأن لهذه الغبر ؛ والغبر جمع غبرة مثل غرفة وغرف.
(٢) تلخيص لما تقدم ، وإن كان مستغنى عن ذكره ؛
(٣) الآية ٢٠ سورة الحاقة ؛
(٤) الآية ٦ سورة المعارج ؛
(٥) الآية ٧ سورة المعارج أيضا ؛