وقد ذكرنا (١) أن سيبويه قال في نحو من زيد : إن «زيد» هو الخبر ؛
وقال الزمخشري (٢) : لا يخبر ههنا عن نكرة بمعرفة إلا ضرورة ، نحو قوله :
يكون مزاجها عسل وماء (٣) ـ ٧١٤
فيمن نصب «مزاجها» ، وقال :
قفي قبل التفرق يا ضباعا |
|
ولا يك موقف منك الوداعا (٤) ـ ١٣٩ |
وقال ابن مالك : بل يجوز ذلك اختيارا (٥) ، لأن الشاعر أمكنه أن يقول :
ولا يك موقفي منك الوداعا
وأن يرفع «مزاجها» ، على إضمار الشأن في «كان» ، كما في الرواية الأخرى ،
ولا خلاف ، عند مجوّزه اختيارا ، أيضا : أنّ الأولى : جعل المعرفة اسما والنكرة خبرا ، ألا ترى أنهم قالوا : ان «أن» (٦) أولى بالاسمية مما تقدّم (٧) في نحو قوله تعالى : (ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا)(٨) ، مع كونهما معرفتين ، لمشابهتها المضمر من حيث لا توصف كالمضمر ؛
وإنما جرّأهم على تنكير الاسم وتعريف الخبر : عدم اللبس في بابي كان وإنّ ، لاختلاف إعراب الجزأين ؛
وأورد سيبويه (٩) للتمثيل بالاخبار عن النكرة بالمعرفة قوله :
__________________
(١) في باب المبتدأ والخبر ـ في الجزء الأول ؛
(٢) تكرر ذكره في هذا الجزء وفيما قبله ؛
(٣) تقدم ذكر هذا الشاهد قريبا ؛
(٤) تقدم في باب الترخيم في الجزء الأول وهو من شعر القطامي ؛
(٥) مبني على مذهبه في الضرورة وهي ما ليس للشاعر عنه مندوجة والجمهور يقولون هي ما وقع في الشعر ولو كان للشاعر عنه مندوحة ؛
(٦) يعني هي وما دخلت عليه من الفعل فيؤولان الصدر ؛
(٧) أي مما قبلها في الآية وهو «حجتهم» ؛
(٨) الآية ٢٥ سورة الجاثية ؛
(٩) أورد سيبويه الشواهد الثلاثة الآتية في ج ١ ص ٢٣ ؛