قال سيبويه : إذا لاقى نون «يكن» المجزوم ، ساكنا بعدها لم يجز حذفها ، قال تعالى : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا)(١) ؛ لتقوّيها بالحركة ، وخروجها بها عن شبه حرف المدّ ؛ وأجازه يونس ، أنشد أبو زيد في نوادره :
٧٢٨ ـ لم يك الحق على أن هاجه |
|
رسم دار قد تعفىّ بالسّرر (٢) |
قال السيرافي : هذا شاذ ؛
قال سيبويه (٣) : تقديم الخبر إذا كان ظرفا : مستحسن ، ويسمّى ذلك الظرف مستقرّا بفتح القاف ، وكذا كل ظرف عامله مقدّر ، لأن ناصبه ، وهو : «استقرّ» مقدّر قبله ، فقولك : كان في الدار زيد ، أي : كان مستقرا في الدار زيد ، فالظرف مستقر فيه ، ثم حذف الجار ، كما يقال : المحصول ، للمحصول عليه ، ولم يستحسن تقديم الظرف اللغو ، وهو ما ناصبه ظاهر ، لأنه ، إذن ، فضلة فلا يهتمّ به ، نحو : كان زيد جالسا عندك ، وأمّا قوله تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ)(٤) ، فإنما قدّم اللغو فيه لأنه معقد الفائدة ، إذ ليس الغرض نفي الكفء مطلقا ، بل نفي الكفء له تعالى ، فقدّم اهتماما بما هو المقصور ، معنى ، ورعاية للفواصل لفظا ؛
__________________
(١) الآية الأولى من سورة البينة ؛
(٢) أحد بيتين نسبهما أبو زيد. لشاعر جاهلي اسمه حسيل بن عرفطة وبعد البيت الذي في الشارح :
غيّر الجدّة من عرقاته |
|
خرق الريح وطوفان المطر |
(٣) هذا بمعناه في كتاب سيبويه ج ١ ص ٢٧ ؛
(٤) آخر آية في سورة الاخلاص ؛