عند من قال : إن نعله عطف على الصحيفة ، أي ألقى جميع ما معه ، لأنه إذا ألقى الصحيفة التي لا يمشي إلا لها (١) ، فقد ألقى كل شيء ؛
ويجب أيضا دخول ما بعدها في حكم ما قبلها ، فالضرب في : ضربت القوم حتى زيدا ، لا محالة واقع على زيد أيضا ، وأمّا الجارّة فالأكثرون على تجويز كون ما بعدها متصلا بآخر أجزاء ما قبلها ، كنمت البارحة حتى الصباح ، وصمت رمضان حتى الفطر ، كما يكون جزءا منه نحو : أكلت السمكة حتى رأسها ، بالجرّ ؛ .. والسيرافي (٢) ، مع جماعة ، أوجبوا أن يكون ما بعدها جزءا أيضا مما قبلها ، كما في العاطفة ، فلم يجيزوا : نمت البارحة حتى الصباح ، جرّا ، كما لم يجيزوا نصبه ؛ وهو مردود بقوله تعالى : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)(٣) ،
وأمّا دخول الفجر (٤) ، المجرور بحتى في حكم ما قبلها ، ففيه أقوال ؛ جزم جار الله (٥) ، بالدخول مطلقا ، سواء كان جزءا مما قبلها ، أو ملاقي آخر جزء منه ، حملا على العاطفة ، وتبعه المصنف ؛ وجوّز ابن مالك الدخول وعدم الدخول ؛ جزءا كان ، أو ملاقي آخر جزء منه ؛
وفصّل عبد القاهر ، والرمّاني ، والأندلسيّ (٦) ، وغيرهم فقالوا : الجزء داخل في حكم الكل ، كما في العاطفة ، والملاقي غير داخل ؛ وقال الأندلسيّ : إنما ذكرت «زيدا» مع دخوله في القوم ، في قولك ضربت القوم حتى زيد بالجرّ ، لغرض التعظيم أو التحقير ،
__________________
(١) إشارة إلى قصة المتلمس وما فعل من إلقاء الصحيفة التي كان يرجو من ورائها خيرا كثيرا كما ذكر عند شرح البيت في المكان المشار إليه ؛
(٢) أبو سعيد السيرافي. شارح كتاب سيبويه. وتكرر ذكره ؛
(٣) آخر سورة القدر وتقدمت قريبا ؛
(٤) أي في الآية المذكورة لأن دخول مطلعه دخول له ؛
(٥) أي الزمخشري ؛ وقوله هذا في متن المفصل في شرح ابن يعيش عليه ج ٨ ص ١٥ ؛
(٦) تقدم ذكر هؤلاء جميعا في هذا الجزء وفي الأجزاء السابقة ؛