واستدلّ بأنّ حتى ، كالتفصيل لما قبلها ، فإذا دخل في الإجمال ، دخل في التفصيل ، وإذا لم يدخل ، لم يدخل ؛
ومذهب ابن مالك قريب ، لكن الدخول مطلقا أكثر وأغلب ؛
واعلم أنه لا يلزم أن يكون ما بعد «حتى» العاطفة ، آخر أجزاء ما قبلها حسّا ، ولا آخرها دخولا في العمل ، بل قد يكون كذلك ، وقد لا يكون (١) ، لكنه يجب فيها أن يكون آخر الأجزاء ، إذا رتبت الأجزاء : الأقوى فالأقوى ، فإذا ابتدأت بقصدك من الجانب الأضعف مصعدا ، كان آخر الأجزاء أقواها ، نحو : مات الناس حتى محمد صلّى الله عليه وسلم ، بالعطف ، وليس هو ، عليه الصلاة والسّلام ، آخرهم حسّا ، ولا دخولا ، بل هو آخرهم قوة وشرفا ؛ وإذا ابتدأت بعنايتك (٢) من الجانب الأقوى منحدرا ، كان آخر الأجزاء أضعفها ، نحو : قدم الحجاج حتى المشاة ، عطفا ، ويجوز أن يكونوا قادمين قبل الركاب ، أو معهم ؛
وأمّا الجارة فيجوز أن يكون ما بعدها كذلك ، وألّا يكون ، فإذا لم يكن ، وجب أن يكون آخر الأجزاء حسّا أو ملاقيا له ، نحو قولك : قرأت القرآن حتى سورة الناس ، جرّا ؛ ولهذا جاء بعدها ما هو ملاق ، أيضا ؛
والتزم صاحب المغني (٣) : التحقير والتعظيم فيما بعد «حتى» الجارة أيضا ، وليس بمشهور ؛ وكأنّ الجارة محمولة على «إلى» ، في جواز عدم كون ما بعدها جزءا ، خلافا للسيرافي ، وفي جواز عدم دخوله في حكم ما قبلها ، كما قال ابن مالك ، وفي جواز قصد كونه آخر الأجزاء حسّا ، لا قوة ، ولا ضعفا ، لأنك إذا لم تقصد كونه آخرها ضعفا ،
__________________
(١) تكررت الإشارة إلى ضعف هذا التركيب ، ويغني عنه : ربما لا يكون ، والرضي يكرره ؛
(٢) أي بقصدك ؛
(٣) منصور بن فلاح اليمني ولا يذكره الرضي إلا بقوله صاحب المغني وهو معاصر للرضي ، وتقدم ذكره أكثر من مرة ؛