وقولهم : خطيئة يوم لا أصيد فيه (١) ، لتضمنه معنى النفي الذي له صدر الكلام ، فكذا لا تدخل على «ربّ» ، لأن القلة ، عندهم ، تجري مجرى النفي فمن ثمّ ، كان لربّ صدر الكلام ؛
قال أبو عمرو : (٢) ربّ لا عامل لها ، لأنها ضارعت النفي ، والنفي لا يعمل فيه عامل ؛ ولتضمنها معنى النفي ، كان القياس ألّا يجيء وصف مجرورها إلا فعلية ، كما في : أقلّ رجل ، المتضمن معنى النفي ، وذلك لأن النفي يطلب الفعل ؛ إلّا أن «ربّ» لخروجها إلى معنى الكثرة في أكثر مواضعها جاز وقوع نعت مجرورها : اسمية كما في قوله :
٧٨١ ـ يا ربّ هيجا هي خير من دعه (٣)
ويكثر وقوعه ، أيضا ، صفة معطية لمعنى الفعل ههنا ، بخلاف باب : أقل رجل ، كما مرّ في باب الاستثناء ، قال صلّى الله عليه وسلّم : «ألا ربّ نفس طاعمة ناعمة في الدنيا : جائعة عارية يوم القيامة» ، ويتم الكلام بقوله : جائعة عارية ، بلا تقدير شيء آخر ، خلافا لما ذهب إليه البصريون من تقدير العامل ، والأكثر مراعاة الأصل في وقوعه فعلية ، إما ظاهرة ، أو مقدرة ، فالظاهرة كقوله :
٧٨٢ ـ ربّ رفد هرقته ذلك اليو |
|
م وأسرى من معشر أقيال (٤) |
وليس الجواب محذوفا ، كما قال أبو علي (٥) ، لأنه قد تمّ الكلام بقوله : ربّ رفد
__________________
(١) معناه يخطئ يوم لا أصيد فيه والمراد لا يمر يوم إلا ويحدث فيه صيد وانظره في باب المبتدأ ؛
(٢) أي أبو عمرو بن العلاء أحد متقدمي النحاة وكان إماما في القراءات وهو أحد القراء السبعة وتكرر ذكره في هذا الشرح ؛
(٣) من رجز قاله لبيد بن ربيعة العامري وهو صغير وجهه إلى النعمان بن المنذر وكان سببا في هجر النعمان للربيع بن زياد العبسي ؛ لأن لبيدا ضمنه أوصافا في الربيع جعلت النعمان يتقزز من الأكل معه ؛
(٤) من القصيدة التي تقدم مطلعها للأعشى ميمون بن قيس والتي يرى بعض العلماء أنها المعلقة ، وهذه في مدح الأسود بن المنذر أخي النعمان بن المنذر ؛
(٥) أي الفلوسي وتكرر ذكره ؛