رجل كريم لقيته ؛ وإن قالوا : إن «لقيته» مفسّر للقيت ، المقدّر كما في : زيدا ضربته : جاء الإشكال الأول ، مع أنه لم يثبت في كلامهم تفسير الناصب للجار والمجرور بفعل آخر ، نحو : بزيد جاوزته ، أي : مررت بزيد جاوزته ، ويشكل ، أيضا ، بنحو : رب رجل كريم جاءني ، في جواب من قال : ما جاءك رجل ، ولا شك أن : جاءني ، هو جواب ربّ ، إذ لا يتوقف معنى الكلام على شيء آخر ، بل تمّ بقولك : جاءني ، فيكون كقولك : بزيد مرّ (١) ، والضمير في مرّ ، لزيد ، وكقولك : زيدا اضرب ، والضمير للمنصوب ، وقد مرّ في المنصوب على شريطة التفسير (٢) ؛ امتناع ذلك ، فإن ارتكب مرتكب متمحّلا أن جاءني صفة ، والعامل تحققت ونحوه ، فهو محال لعدم توقف معنى الكلام عليه ؛ مع أن المصنف صرّح في شرح قوله : «محذوف غالبا» بأنه قد يظهر نحو : ربّ رجل كريم قد حصل ؛
ويقوى عندي مذهب الكوفيين والأخفش ، أعني كونها اسما ؛ فربّ : مضاف إلى النكرة ، فمعنى ربّ رجل ، في أصل الوضع : قليل من هذا الجنس ، كما أن معنى كم رجل : كثير من هذا الجنس ، وإعرابه : رفع أبدا ، على أنه مبتدأ لا خبر له ، كما اخترنا في باب الاستثناء في قولهم : أقلّ رجل يقول ذلك إلا زيد (٣) ، فإنهما يتناسبان ، بما في «ربّ» من معنى القلّة ،
وكما أن نواسخ المبتدأ لا تدخل في نحو :
غير مأسوف على زمن |
|
ينقضي بالهم والحزن (٤) ـ ٥٣ |
__________________
(١) بصيغة المبني للمجهول ؛
(٢) في الجزء الأول من هذا الشرح ؛
(٣) انظر باب الاستثناء في الجزء الثاني من هذا الشرح ؛
(٤) تقدم ذكره في باب المبتدأ والخبر. من الجزء الأول وهو من شعر أبي نواس : الحسن بن هانئ ؛