وفيه نظر ؛ لأن «أيمن» كما يجيء ، مختص بالله أو بالكعبة ، و «من» مختصة بلفظ «ربّي» ؛
ولا منع أن يقال : تغيّر حكمه عند اختصاره ؛ ويمكن أن يستدلّ ببنائه على أنه ليس محذوفا من «أيمن» المعرب ، لأن اختصار المعرب ورده إلى حرفين ، لا يوجب البناء ، كما في : يد ، ودم ؛
والأولى أن يقال إن ما روي من قولهم : من الله ، مضموم الميم والنون ، ومكسورهما مع لفظ «الله» وحدها : هي «من» الجارة ، المستعملة مع «ربي» ، اتبعت النون الميم ضما وكسرا ، للساكنين ؛
وأمّا : من الله بفتحتين ، فنقول : أصلها : من الله بكسر الميم وفتح النون ، اتبع الميم النون وإن كانت فتحتها عارضة للساكنين ، طلبا للتخفيف ، فعلى هذا ، «من» الجارة تختص في القسم بربّي ، أو بالله ،
وقيل : بل الثلاثة ، أي مضموم الميم والنون ومكسورهما ومفتوحهما مع لفظة «الله» مقصورة من أيمن ؛
أمّا اختصار : من الله بضمتين ، فظاهر ؛ وأما المكسورتهما والمفتوحتهما فلا أرى لكونهما مقصورتين منه وجها ، لأن «أيمن» ، عندهم واجب الرفع سماعا ، كما يجيء والقصر لا يوجب البناء ، فمن أين جاء كسر النون وفتحها ؛ بلى ، لو جاء أيمن الله على ثلاثة أوجه ، أي بالرفع والنصب والجر ، كما جاء يمين الله رفعا ونصبا عند الجميع ، وجرّا ، أيضا عند الكوفيين ، جاز أن يقال : أتبع الميم النون فتحا وكسرا ؛
ويجوز أن يكون : من الله بفتحتين ، مقصورا من : يمين الله بإتباع الميم للنون بعد القصر ، ولا يجوز أن يكون : من الله بكسرتين مقصورا من يمين الله بإتباع النون للميم ، لأن حركة الإعراب لا تزال لأجل الاتباع ؛
وأمّا : أيم الله بفتح الهمزة وكسرها مع ضم الميم ، فمقصوران من : أيمن الله ، بفتح الهمزة وكسرها ؛