[قال الرضي :]
اعلم أن واو القسم لها ثلاثة شروط : أحدها حذف فعل القسم معها فلا يقال : أقسم والله ، وذلك لكثرة استعمالها في القسم ، فهي أكثر استعمالا من أصلها ، أي الباء ، والثاني : ألّا تستعمل في قسم السؤال. فلا يقال : والله أخبرني ، كما يقال : بالله أخبرني ، والثالث : أنها لا تدخل على الضمير فلا يقال : وك ، كما يقال : بك ؛ واختصاصها بالحكمين الأخيرين ، لكونها فرع الباء وبدلا منها ، وإنما حكم بأصالتها لأن أصلها الإلصاق ، فهي تلصق فعل القسم بالمقسم به ؛ وأبدلت الواو منها لأن بينهما تناسبا لفظيا لكونهما شفهيتين ، ومعنويا ، ألا ترى أن في واو العطف وواو الصّرف (١) معنى الجمعية القريبة من معنى الإلصاق ؛
والتاء مبدل من الواو ، كما في وراث وتراث ، ووكلة ونكلة ، واتّعد ، فلهذا قصرت عن الواو فلم تدخل إلا على لفظة «الله» وفيها الخصائص الثلاثة التي كانت في الواو ؛ وحكى الأخفش : تربّي ، و : تربّ الكعبة وهو شاذ ؛
ولام الجرّ تجيء بمعنى الواو كما ذكرنا ، مختصة ، أيضا ، بلفظ «الله» في الأمور العظام ؛ وكذا «من» مكسورة الميم ، وقد تضمّ (٢) ، والكسر أكثر ، مختصة بلفظ «ربّي» ؛ ومذهب سيبويه ، كما ذكرنا ، أنها حرف جر ، قامت مقام الباء ، وضم الميم لدلالة تغير معناها وخروجها عن بابها ؛ كما تقول في العلم : شمس بن مالك (٣) ، بضم الشين ؛
ومذهب بعض الكوفيين : أن المضمومة الميم مقصورة (٤) من أيمن ، والمكسورتها مقصورة من يمين ؛
__________________
(١) هي التي يسمونها واو المعية ، والرضي يقول في بعض الأوقات : واو الجمعية ؛ ومعنى تسميتها واو الصّرف وهي تسمية الكوفيين أنها تصرف ما بعدها عن مشاركة ما قبلها نظرا إلى أصل معنى الواو الذي هو الجمع ؛
(٢) أي الميم ، وقد ذكر الرضي هذا الكلام أثناء الحديث عن معاني من الجارّة ؛
(٣) تقدم في الممنوع من الصرف في الجزء الأول ، أنه جزء من بيت شعر قاله ثابت بن جابر ، تأبط شرا ، في صديق له. وهو قوله :
وإني لمهد من ثنائي فقاصد |
|
به لابن عمّ الصدق شمس بن مالك |
(٤) مقصورة أي مختصرة بالحذف ، من أيمن ؛